للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قد تقدمت في هذا الكتاب والله أعلم ذكر (عن محمد بن عبد الرحمن النوفلي (١) قال قلت لإياس بن معاوية أخبرت إنك كنت لا تجيز شهادة الأشراف بالعراق ولا التجار ولا الذين يركبون البحر قال أجل) قال الشيخ الإمام رحمه الله للجرح أسباب من جملتها ركوب البحر وإنما كان موجبًا للجرح لما ذكره إياس فإنّه قال إن الذين يركبون البحر إلى الهند يغورون بدينهم ويكثرون عدوهم لأجل طمع الدنيا وهذا ظاهر فإنه تغرر بنفسه ودينه ويكثر (٢) سواد العدو وبكونه في دارهم لطمع الدنيا فمثل هذا لا يؤمن أن يأخذ شيئًا من المال ويشهد بالزور وأما التجار الذين يتجرون في قرى فارس قال فإنهم يطعمونهم الربا وهم يعلمون ذلك ولا تجوز شهادة آكل الربا وأما الإشراف فإنهم كانوا ذوي عصبية إذا نابت بعض من ينتمي إليهم نائبة رجع إلى سيد قومه فكان يشهد له ويشفع له ويجتهد في صلاح حاله بكل ممكن فلم تقبل شهادتهم لأجل ذلك ذكر (عن عيسى بن موسى (٣) أنه قال لابن أبي ليلى تجيز شهادة أصحاب الأهواء قال نعم وأراهم لذلك أهلًا إلّا الخطابية) (٤) وإنما كان كذلك لأن الشهادة


= العدول وهذا حجة لأبي يوسف ومحمد على أبي حنيفة أنه لا يجوز القضاء بظاهر العدالة وأبو حنيفة يقول عندي لا يجوز القضاء إلا بشهادة العدول لكن المسلمين كلهم عدول روينا من الحديث ذكر عن عمر - رضي الله عنه - أن المسلمين كلهم عدول بعضهم على بعض إلا مجلودًا حدًا أو مجربًا عليه بشهادة زور أو ظنينًا في ولاء أو قرابة وقد مر شرح الحديث في ما تقدم إلا أن صاحب الكتاب ذكر عن بعض العلماء أنه قال المتهم على القرابة أنه يتعدى عليهم غير الحق أي يظلم على قرابته في منع الصلة والبر كنفقة المحارم لأن ذلك حق واجب عليه فإذا منع يصير ظالمًا وشهادة الظالم لا تقبل وعندنا تفسير غير هذا.
(١) لم أجده في الكتب الموجودة عندي أو لعله محمد بن عبد الرحمن بن نوفل بن الأسود بن نوفل بن خويلد ابن أسد بن عبد العزى الأسدي أبو الأسود المدني يتيم عروة بروي عن علي بن الحسين وسلمان بن يسار وعنه شعبة وحيوة بن شريح وثقه النسائي وأبو حاتم روى له الستة قال الواقدي مات في آخر سلطان ابن أمية اهـ.
(٢) كذا في الأصلين ولعل الصواب فإنه يغرر بنفسه ودينه ويكثر وفي س وكثر سوادهم كما يأتي في الحاشية.
(٣) لفظ هذا الشرح في س كما يأتي واعلم أن أسباب الجرح كثيرة منها الركوب في البحر إلى الهند لأنه إذا ركب في البحر إلى الهند فقد خاطر بنفسه ودينه وسكن في دار الحرب وكثر سوادهم وعددهم وتشبه بهم لينال بذلك مالًا ويرجع إلى أهله غنيًا فإذا كان لا يبالي أن يخاطر بنفسه ودينه فلا يؤمن أن يأخذ من عروض الدنيا فيشهد بالزور ومنها التجارة في قرى فارس فإنهم يطعمونها الربا وهم يعلمون وأكل الربا من أسباب الجرح ومنها أنه لا تقبل شهادة الأشراف من أهل العراق لأنهم قوم يتعصبون فإذا نابت أحدًا منهم نائبة أتى سيد قومه فيشهد له سيد قومه ويشفع فلا يؤمن أن يشهد بالزور اهـ.
(٤) وفي س وهذا لأن الشهادة إنما تكون حجة إذا ترجح جانب الصدق على جانب الكذب فيها وقد وجد هذا المعنى في شهادتهم لأنهم قوم يعتقدون أن نفس الكذب كفر فمن يعتقد أن نفس الكذب كفر كيف =

<<  <   >  >>