للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في صدرك ويضطرب في خاطرك لتكون مقدمًا (١) على القضاء عن بصيرة من غير تردد، ثم قال (اعرف الأشباه والأمثال (٢) فقس الأمور عند ذلك فاعمد إلى أقربها إلى الله تعالى وأشبهها بالحق) وهذا لما تقدم أن الحوادث لا يحصرها حد والنصوص محصورة فلابد أن تعرف القياس لترد غير المنصوص إلى المنصوص ثم قال (واجعل لمن يطلب حقًا غائبًا أو شاهدًا أمدًا ينتهي إليه، فإن أحضر (٣) بينة أخذ بحقه وإلا استحللت عليه القضية) يعني إذا استمهلك أحد الخصمين لإحضار بينة أو لإبانة دفع فأمهله أو اجعل له مدة معلومة، فإن جاء بذلك في تلك المدة وإلا قضيت عليه، ثم أشار إلى المعنى فيه فقال (فإنه أبلغ في العذر وأجلى للعمى) "أما أبلغ في العذر" لأن المدعي لا يمكنه بعد ذلك أن يقول: كان لي بينة فلم يمكنّي إحضارها وكذا المدعى عليه لا يمكنه أن يقول: كان لي دفع فعجل علي القاضي (٤) فلم يمكني إحضاره، "وأجلى للعمى" لأن القضاء بعد ذلك يكون عن بصيرة لا عن ريبة واشتباه (٥)، ثم قال بعد ذلك (المسلمون عدول بعضهم على بعض) ظاهره حجة لأبي حنيفة - رضي الله عنه - في جواز القضاء بظاهر العدالة وعندهما لا يجوز قيل هذا اختلاف عصر وزمان لا اختلاف حجة وبرهان لأن أبا حنيفة - رضي الله عنه - أفتى في القرن الثالث [وقد عدّلهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووصفهم بالخيرية] (٦)، وهما أفتيا في زمانهما وكان تغير الناس فيه، ثم استثنى في الحديث (إلَّا مجلودًا في حد) (٧) ظاهره (٨) حجة لنا على الشافعي رحمة الله عليه في المحدود في القذف فإنه استثنى المحدود من غير فصل بين ما قبل التوبة وبعدها (٩)، ثم قال (أو مجربًا عليه شهادة زور) (١٠) وإنما كان كذلك لأنّ الشهادة خبر محتمل [صار حجة لرجحان جانب الصدق فيه، فإذا عرف بشهادة الزور ترجح] (١١) جانب الكذب فلا تكون


(١) وفي س وفي بعض النسخ: يتخلج في صدرك، وفي بعضها: يتخالج، وفي بعضها: يتلجلج مما ليس في قرآن ولا سنة، يعني أفهم في ما تردد في صدرك لتكون مقدمًا - إلخ".
(٢) ذكر هنا الشرح في س مكان الشرح الآتي".
(٣) هنا ذكر في س الشرح الآتي، بعد القوس، ثم ذكر فيها المتن الباقي وزيد بعده "يعني وجبت عليه القضية".
(٤) من م، وفي ص "القضاء" وفي س يخص هذا الشرح، وعبارته "فإن القاضي لو استعجل بقول الخصم كان لي بينه، أو بقول: كان لي دفع ولكن القاضي لم يمهلني".
(٥) من س.
(٦) وفي س "الذي شهد لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالصدق ووصفهم بالخيرية".
(٧) وفي س "إلا محدودًا في حد قذف".
(٨) في س "ظاهر الحديث".
(٩) وفي س "وما بعد التوبة".
(١٠) كذا في ص، م، وفي س "بشهادة زور".
(١١) وفي س "وإنما يكون حجة باعتبار جانب الصدق فمتى".

<<  <   >  >>