للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في الحق) ذكر خلوص النية لأن القضاء عبادة والإخلاص في العبادات مطلوب، فإن الباري جلت قدرته يقول (١) {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (٢) ثم قال (وأبقى (٣) على نفسه زانه الله تعالى) وذلك لما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا أصلح العبد سريرته أصلح الله -عَزَّ وَجَلَّ- علانيته"؛ ولأنه عامل لله -عَزَّ وَجَلَّ- (٤) فيزينه (٥)، ثم قال (ومن تزين للناس بما يعلم الله تعالى أنه ليس في قلبه شانه الله تعالى) لأنه منافق متهاون، ثم قال (فما ظنك بثواب الله (٦) -عَزَّ وَجَلَّ- مع عاجل رزقه وخزائن رحمته والسلام) أراد بذلك أن القاضي إنما يقضي بغير حق لينال شيئًا من الدنيا وما عند الله -عَزَّ وَجَلَّ- من الثواب أفضل وأبقى وذكر (حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: إنه (٧) قد أتى علينا زمان) وفي بعض النسخ "حين" (لسنا نقضي ولسنا هناك) وفي أدب القاضي لمحمد رحمه الله "لسنا نُسئل ولسنا هناك" وهذا منه إشارة إلى زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإنه كان يُرْجع في الحوادث إذ ذاك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر -رضي الله عنهما-، وما كان يرجع إلى عبد الله - رضي الله عنه - ثم تعلم عبد الله واجتهد حتى صار مذكورًا يرجع إليه في الحوادث، فإنه لما قدم الكوفة اجتمع حوله (٨) أربعة آلاف نفر، فلما قدم علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - الكوفة تلقاه ابن مسعود - رضي الله عنه - في جميع أصحابه، فقال له علي، - رضي الله عنه -: "لقد ملأت هذه البلدة فقهًا وعلمًا، ثم قال (ثم كان من قدر الله تعالى أن بلغنا (٩) من الأمر ما ترون) هذا يحتمل أن يكون بيانًا للشكر، فإن الله -عَزَّ وَجَلَّ- أنعم (١٠) عليه حيث بلغه مبلغًا يصلح للفتوى والقضاء، ويحتمل أن يكون بيانًا لتراجع الزمان (١١) حيث احتيج إلى مثلي (١٢) ثم قال (فمن عرض له منكم قضاء بعد اليوم) وفي بعض الروايات: فمن ابتلى منكم بقضاء بعد اليوم


(١) والشرح في س "يروي ومن خلصت نيته ولو على نفسه لأن القضاء عبادة فيكون الإخلاص فيه شرطًا، قال الله تعالى - إلخ".
(٢) آية ٥ من سورة البيّنة.
(٣) وفي س "واتقى".
(٤) وفي س "لأنّه عامل لله تعالى".
(٥) ليس في س.
(٦) وكان في الأصل "بثواب" غير الله "والصواب ما في س "بثواب الله".
(٧) لفظ "إنه" ساقط من س.
(٨) وفي م "عليه".
(٩) وفي م "يبلغنا" كذا.
(١٠) وفي س "أنعم عليه بهذا فإنه بلغ مبلغًا".
(١١) و (١٢) وفي س "فإنه راجع الزمان حتى وجب الرجوع إلى مثنى".

<<  <   >  >>