للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صاحبُ الحادثة بخلاف رأيه وهو عالم يأخذ برأي نفسه، وهذا في قولهم جميعًا، أمّا إذا أراد ترك رأي نفسه والأخذ برأي غيره ممّن هو أعلم منه فعند أبي حنيفة - رضي الله عنه - ذلك جائز أيضًا خلافًا لأبي يوسف رحمه الله) وقد تقدّم هذا في باب ما أبيح للقاضي من الاجتهاد (وأمّا إذا كان المستفتي جاهلًا فإنّه يقلّد أفضل الرّجلين وأظهرهما علمًا وفقهًا عند العامّة وذلك منه نوع اجتهاد (فإن أفتاه الأفضل بشيء وقضى عليه المفضول بخلافه) كيف يصنع، فهو على الاختلاف السّابق (عند أبي حنيفة ومحمّد يأخذ بالقضاء فيما له وعليه، وعند أبي يوسف فيما عليه كذلك وفيما له يأخذ بفتوى الأفضل) لأنّ الأفضل لمّا أفتاه بشيء صار ذلك كرأي نفسه، فإذا قضى القاضي عليه بخلافه صار هذا والفصل الأوّل سواء، والله أعلم، (مسألة (١) ولو أنّ رَجُلًا قذف امرأته بالزّنا وهو صادق أو كاذب فرافعته فلاعن القاضي بينهما (٢) وهو لا يعلم أيّهما الصّادق فالفرقة ماضية ظاهرًا وباطنًا في قولهم جميعًا) لأنّه يعلم أنّ أحدهما صادق والآخر كاذب لكن أشتبه الحال في أنّ أيهما الصّادق فصار الإشتباه هنا كلّ حجّة القضاء فينفذ قضاؤه ظاهرًا وباطنًا وهذا الفصل حجّة لأبي حنيفة - رضي الله عنه - على محمّد وهو قول أبي يوسف الآخر، والله أعلم مسألة (٣) ولو أنّ رَجُلًا خَلا بزوجته ثمّ فارقها ولم يغشها فلها المهر كاملًا وعليها العدة كاملة) قال صاحب الكتاب (٤) (وهذا يشبه ما وصفنا من الشّهود بالطّلاق وغيره بزور) (٥) ووجه التّشبيه أنّه لمّا خلا بها فالظّاهر أنّه دخل بها فإذا بنى الأمر على الظّاهر وقضى لها بكلّ المهر وهي تعلم أنّه لم يدخل بها هل يحلّ لها أخذ النّصف من المهر فيما بينها وبين الله -عز وجل- أم لا، هو مثل الإختلاف في شهادة الزور وقد عاب أصحابنا على صاحب الكتاب وقالوا الخلوة عندنا قائمة مقام الدّخول في استحقاق كمال المهر، لا أن يكون إنّما استحقّ ذلك، بناءً على وجود الدّخول ظاهرًا، فإذًا يحلّ لها أخذ المهر وأكله ظاهرًا وباطنًا متى وجدت


(١) وفي س قال مكان مسألة.
(٢) وفي س بعد ذلك وفرق نفذ القضاء بالفرقة بالإجماع والقاضي يعلم أنّ أحدهما كاذب لكن مما اشتبه عليه الصادق من الكاذب نفذ القضاء بالفرقة وهذا حجة لأبي حنيفة وأبي يوسف على أبي يوسف الآخر ومحمد -رضي الله عنهم-.
(٣) وفي س قال مكان مسألة.
(٤) قوله قال صاحب الكتاب لم يذكر معناه في س وإنما يأتي بعد.
(٥) وفي س بعد قوله بزور وهكذا قال صاحب الكتاب يريد بذلك أنها إذا طلبت المهر فالقاضي يقضي لها بالمهر كاملًا لأنّ الظاهر أنّه إذا خلا بها والزوج فحل يدخل بها فقضى لها بالمهر كاملًا من طريق وأما في الباطن يحلّ لها نصف المهر دون النصف فكذا فيما ذكرنا وقد عابوا على صاحب الكتاب بهذا وقالوا عند علمائنا يحلّ لها المهر كاملًا ظاهرًا وباطنًا لأنّ الخلوة عندنا أقيمت مقام الدخول اهـ.

<<  <   >  >>