للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذاته (١) فلا يتعدى إلى المسجد (٢)، وأما الحائض فهي مسلمة الظاهر تحرزها عن مواضع النهي، وأنها تخبر القاضي بذلك ولا تدخل فيه، فمتى أخبرته أنها حائض لا يكلفها الدخول لكن يخرج إلى باب المسجد فينظر في خصومتها، كما يفعل لو احتاج إلى سماع بينة على دابة فإنه لا يدخلها المسجد بل يخرج فيسمع البينة ويشاهد الإشارة إليها ثم يرجع، كذا هنا. وذكر (عن عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - قال: لا يقعد (٣) قاض في مسجد يدخل فيه المشركون فإنهم نجس، وتلا قول الله عز وعلا {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} الآية، وعن (٤) عمر بن عبد العزيز أيضًا أنه كتب أن لا يقضي القاضي في المسجد) وذكر (عن المثنى بن سعيد (٥) قال: رأيت الحسن وزرارة بن أوفى يقضيان في الرحبة خارجًا من المسجد) (٦) غرض صاحب الكتاب من إيراد هذا بيان أن هذه المسألة اختلف فيها السلف والخلف، ولم يقع إجماع على أحد طرفيها، فالمتأخرون اختلفوا أيضًا.

ذكر (عن يحيى بن يعمر (٧) أنه كان يقعد في الطريق فيقضي) وهذا لأنه بتقلّده القضاء إلتزم فصل الخصومات، فمتى توجه ذلك لزمه دفعه في أي مكان أمكن، لكن هذا إذا كان لا يضيق الطريق على المارة، فإن كان بسبب قعوده يضيق الطريق على المارة لا ينبغي أن يقعد لكنه يقف في ناحية فيقضي (٨)، فإن كان بسبب قيامه يضيق الطريق لا يقوم أيضًا بل يذهب، ولا يقضي وهو يمشي لأن رأيه متفرق فإذا وجد مكانًا خاليًا وقف فيه فقضى.

ذكر (عن ابن المبارك عن رجل قال: أتيت يحيى بن يعمر في منزله فقال: القاضي لا


(١) وفي م "أما قوله المشركون نجس، قلنا ذلك في اعتقادهم لا في ذاتهم".
(٢) وفي س "وأما قوله بأنه يحضر في مجلسه المشرك وهو نجس قلنا: ذلك في اعتقاده لا على ظاهر بدنه، فلا يصيب الأرض منه شيء".
(٣) وفي س "أنه كتب أن لا يقعد".
(٤) وفي س "وذكر عن".
(٥) هو المثنى بن سعيد الطائي، أبو غفار -بكسر المعجمة وآخره مهملة-، وقيل: عفان -بمهملة وآخره نون-، البصري، روى عن أبي قلابة وأبي عثمان النهدي، وعنه عيسى بن يونس والقطان، صالح الحديث، وهو من رجال البخاري والأربعة إلّا ابن ماجه. قلت: كان في الأصل "سعد" وهو تصحيف.
(٦) سقط هذا الحديث من س، وفيها مكان قوله "وعن صاحب الكتاب - إلخ. "أورد صاحب الكتاب في هذا الكتاب أحاديث من الجانبين يبين أن هذا مما اختلف فيه السلف أيضًا، بعضهم كرهوا وبعضهم لم يكرهوا".
(٧) وفي س "ذكر عن عبد الرحمن بن قيس أنه قال: رأيت يحيى بن يعمر يقعد - إلخ". قلت: عبد الرحمن بن قيس هو العتكي أبو روح البصري، روى عن يحيى بن يعمر، وعنه القطان وهو من رواة أبي داود.
(٨) وفي س في ناحية الطريق فينظر فيها وإنما يقف أيضًا إذا كان الطريق لا يضيق بالمارة إما إذا كان يضيق لا يقف بل يذهب إلخ.

<<  <   >  >>