للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والرواية الثانية عن أبي يوسف قال: إن كان له امرأة أو أمة فلا بأس بذلك (١).

ذكر (عن الحكم بن عتيبة (٢) قال رأيت شريحًا يقضي في المسجد وعليه مطرف خز، وكان يجلس حتى يقضي بين الخصوم، فإذا كان الغد واجتمعوا صاح فيهم: أتتظالمون بالليل) أفاد أن القاضي ينبغي له أن يلبس أجمل ثيابه وأحسن ملابسه، لأنه أهيب له وأحرى أن لا يستخف به، (٣) وقوله "أتتظالمون بالليل" كأن شريحًا كره الابتكار لأجل الخصومة، لأن الابتكار ينبغي أن يكون لطلب العلم وكسب أسباب الخير لا للخصومة.

ذكر (عن عامر الشعبي (٤) أنه كان يقضي بين اليهود والنصارى والمجوس والنساء إذا كنَّ لا يصلين على باب داره) كأنه نزه داره عن هؤلاء، فأما في المسجد فإدخال المشركين لا بأس به عندنا، وله أن لا يدخلهم، وأما النساء الحُيَّض فيتحتم على القاضي الخروج إلى باب المسجد لينظر بينهن والله أعلم.

قال صاحب الكتاب (قال أبو حنيفة - رضي الله عنه -: ينبغي للقاضي أن يجلس للحكم في مسجد الجامع، فإنه أشهر المجالس (٥) وأحرى أن لا يخفى على من أراد مجلس القاضي) (٦) وهذا لأنّ القاضي يحضر عنده الغرباء وأهل البلدة فينبغي أن يكون في أشهر المواضع، وأشهر المواضع في كل بلد مسجد الجامع.

قال (وإن جلس في مسجد حيّه فلا بأس بذلك) لأن القاضي لا يكلف (٧) الحضور عند الخصوم وفي تعيين المكان عليه تكليف له في الحضور عند الخصوم (٨) (وكذلك إن جلس


(١) وفي س "والثاني إن كان له امرأة أو أمة فيتزين لها لا بأس له".
(٢) وفي س "وذكر عن أبي طالوت قال رأيت شريحًا - الحديث" وهذا مكان "الحكم بن عتيبة". وأبو طالوت هو عبد السلام بن أبي حازم شداد القيسي البصري روى عن أنس وأبي برزة الأسلمي وعن أبي عثمان النهدي وعن عائشة، وعنه وكيع وعبد الصمد بن عبد الوارث، أبو نعيم، وهو من رواة أبي داود، وسواه أبو طالوت السامي من رواة الترمذي، ذكره في التهذيب قال: عن أنس في أكل القرع، وذكر عن الذهبي أنه مجهول، قلت: فلعلّ الحديث رواه المصنف من الطريقين فبعض رواة الكتاب اكتفى بذكر هذا وبعضهم بذاك - والله أعلم.
(٣) ذكرت س هذا الشرح في أثناء الحديث بعد قوله "وعليه مطرف خز" ولفظها: "أورد الحديث ليبين أن القاضي يتكلف للباسه في مجلس القضاء ليكون أهيب للناس، والدليل عليه ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان له جبة فنك يلبسها في الأعياد والجمع ودخول الوفود عليه".
(٤) وفي س "وذكر عن جابر أن عامرًا كان - الحديث". قلت: لعله جابر الجعفي - والله أعلم.
(٥) و (٦) ما بين الرقمين ساقط من س.
(٧) و (٨) بين الرقمين سقطة من م؛ وفي س "لأنه لا يجب على القاضي أن يأتي الخصوم، ولو تعيّن المكان كان فيه إلزام القاضي أن يأتي الخصوم".

<<  <   >  >>