للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحسن مطلقًا دل على حل الأخذ، وقال الشيخ الإمام شمس الأئمة أبو محمد عبد العريز بن أحمد الحلواني رحمه الله حكاية عن أستاذه القاضي الإمام: هذا على تفصيل إن كان ذلك الذي أمره به عملًا يقبل الإستئجار، فإذا قام به ثم أعطاه شيئًا من المال حل أخذه، نحو إن عمله رسالة إلى السلطان لأنه أمكن أن يجعل إجارة، وما عدا ذلك فلا يحل فيه الأخذ.

وأما الوجه الثالث من الرشوة فالدفع فيه حرام والأخذ حرام أما الأخذ فلأنه رشوة وأما الدفع فلأنه ارتكاب تسبيب إلى الحرام من غير ضرورة فإنه يتوصل إلى القضاء بدون الرشوة.

وأما الوجه الرابع وهو الرشوة ليقضي له بقضاء فحرام فيه الدفع والأخذ جميعًا سواء كان القضاء بحق أو بغير حق، نص عليه الخصاف في آخر هذا الباب؛ أما إذا كان القضاء بغير حق فالأخذ حرام لوجهين: أحدهما أنه رشوة، والثاني أنه تسبيب لفعل الحرام وهو الظلم، وإن كان القضاء بحق فالحرمة للوجه الأول لا غير، والدفع حرام فيهما لأنه تمكين من الحرام من غير ضرورة. ثم قضاء القاضي فيما ارتشى فيه وسجله فيه باطل، سواء كان بحق أو بغير حق، نص عليه في آخر الباب، وسنذكر هذا في آخر الباب إن شاء الله تعالى.

(أما قضاؤه في غير تلك الحادثة) هل ينفذ؟ اختلفوا فيه، والأصح عندنا قال (إنه ينفذ) (١) لأنه بالارتشاء لا ينعزل، لكن يستحق العزل، وقد مضى طرف من هذا في أول الكتاب، وسيأتي تمامه في موضعه إن شاء الله تعالى.

وذكر عن الحسن بن عثمان الزهري (٢) قال: كنت مع عمي أبي سلمة بن عبد الرحمن بالإسكندرية عند عبد العزيز بن مروان، فدخل عليه فعرف له فضله وشرفه، وكان البواب بعد ذلك مسيئًا إليه، فقال: يا ابن أخي إن منزلتي من صاحبي لحسنة وإني لأرى هذا يسيء لي، قال فقلت له: لو أعطيته شيئًا! قال: كيف أعطيه وقد لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الراشي والمرتشي أو قال: الراشي والمرتشي في النار! [لا أدري أي ذلك قال] (٣) جعل إعطاء البواب شيئًا من المال رشوة، وعن هذا قال أصحابنا: لا ينبغي للقاضي (٤) أن يتخذ بوابًا يمنع الناس من دخول


(١) وفي س "والصحيح من المذهب عندنا أنه ينفذ" فلفظ "قال" ليس في س بل هو فيهما، ولا بأس به، ذكره الشارح تنبيهًا على أنه من المتن.
(٢) لم أجده في أولاد عبد الرحمن بن عوف في الكتب المتداولة.
(٣) بين المربعين زيادة من س.
(٤) ولفظ س في شرح الحديث: "وعلى هذا الحديث قالوا لا ينبغي للقاضي أن يتخذ بوابًا يمنع الناس من دخول المسجد حتى يأخذ قطعة، لأن ذلك رشوة يأخذ بتمكين القاضي فيكون ذلك بمنزلة رشوة أخذها =

<<  <   >  >>