للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نفسه أو على دينه، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعطي المال من كان يخاف من لسانه وكان يعطي الشعراء، وفي هذا الباب أحاديث كثيرة تدل الكل على أن الإنسان إذا بذل مالًا لرجل يخاف من ظلمه أو لسانه أو لشاعر فلا بأس به] (١) والله أعلم.

ذكر (عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: بعثني عمر - رضي الله عنه - في حاجة إلى بعض ولده أن أدعوه له (٢) ونهاني أن أخبره لأي شيء يدعوه، فدعوته، فسألني عما يدعوه لأجله، فأبيت أن أخبره فقال: أخبرني على أن أرشوك هذه الدجاجة وهذا الديك! فقلت: على أن لا تخبر عمر! فقال: نعم، فرشاني، فأخبرته، فلما رجعت إلى عمر قال: أخبرته؟ فوالله ما استطعت أن أقول: لا، فقلت نعم! ففال: أرشاك؟ فقلت نعم، قال: ما رشاك؟ قلت: ديكًا ودجاجة هنديين! قال: فأخذ بيساره يدي وأخذ الدِرّة بيمينه، قال: فجعل يضربني، وجعلت أنزوي حتى أوجعني ضربًا وجعل يقول لي: إنك لجربُز إنك لجُربُز) (٣) أفاد الحديث أن أخذ الرشوة حرام، وإنما ضربه عمر لوجهين: أحدهما أنه أساء أدبه حيث أخبر بما نهاه عن الإخبار به (٤)، والثاني أخذه الرشوة وهو حرام، وقوله: "لجربز" يروى هكذا، ويروى "إنك لجريء" أي اجترأت على الله -عز وجل- بفعل الحرام وهو أخذ الرشوة وأما قوله "لجربز) فهو معرب "عن كَرُبز" وهو شديد الحيلة وهو كان كذلك حيث كان ينزوي ليدفع ألم الضرب (٥).

ذكر (عن الشعبي قال: لأن أعطي درهمًا في النائبة أحب إليّ من أن أعطي خمسة دراهم يعني في الصدقة) لأن النائبة إدراك فكاك الأسير، وهو أفضل من الصدقة لأنه استبقاء من أشرف على الهلاك (٦).


(١) وسقط من الأصلين شرح الحديث، دل عليه قوله "والله أعلم"، وما بين القوسين زيد من س.
(٢) وفي س "بعثني عمر إلى بعض ولده لأدعوه له".
(٣) الجربز بضم الجيم والباء وسكون الراء المهملة وفي آخره زاي معجمة قال في المحيط: الخداع الخبيث، معرب "كَربز" بالفارسية أي بالكاف الفارسي، وفي الغياث: كَربز بضم الكاف الفارسي والتاء مكار ومحتال، لأن أصله كان "كَركَ بز" يعني ذئب معز فخفف، يعني معز بصورته ذئب بسيرته اهـ هذا ترجمة ذكره بالفارسية، وكان في الأصلين "جزبز" وهو غلط والصواب ما في س "كربز".
(٤) وفي س "نهاه أن يخبره فأخبره".
(٥) وفي س "حيث تنزي كيلا يعيبك الوجع من الضرب".
(٦) وفي س "يعني التصدق بها إنما أراد بالنائية فكاك الأسير، وفكاك الأسير أفضل من التصدق على المساكين، لأن الأسير مشرف على الهلاك فكان الفكاك إحياء له" قلت: وفي س نائبة بتقديم الباء ولا وجه له والله أعلم.

<<  <   >  >>