وقلت: الصحيح: ما سمعته من الشيخ أبى عليّ، وأنه قال: هو عدم ولا يسمى جسما، ولا شيئا أصلا. واعتقدت أنا ذلك. وأنا تائب إلى الله تعالى منهم.
واعتقدت فى الحلاج أنه من أهل الدّين والزّهد والكرامات. ونصرت ذلك فى جزء عملته. وأنا تائب إلى الله تعالى منه، وأنه قتل بإجماع علماء عصره، وأصابوا فى ذلك، وأخطأ هو. ومع ذلك فإنى أستغفر الله تعالى، وأتوب إليه من مخالطة المعتزلة، والمبتدعة، وغير ذلك، والترحم عليهم، والتعظيم لهم؛ فإن ذلك كله حرام. ولا يحل لمسلم فعله؛ لقول النبى صلّى الله عليه وسلم:«من عظّم صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام».
وقد كان الشريف أبو جعفر، ومن كان معه من الشيوخ، والأتباع، سادتى وإخوانى - حرسهم الله تعالى - مصيبين فى الإنكار عليّ؛ لما شاهدوه بخطّى من الكتب التى أبرأ إلى الله تعالى منها، وأتحقق أنى كنت مخطئا غير مصيب.
ومتى حفظ عليّ ما ينافى هذا الخط وهذا الإقرار: فلامام المسلمين مكافأتى على ذلك. وأشهدت الله وملائكته وأولى العلم، على ذلك غير مجبر، ولا مكره وباطنى وظاهرى - يعلم الله تعالى - فى ذلك سواء. قال تعالى:(٩٩:٥ {وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ، وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ)}.
وكتب يوم الأربعاء عاشر محرم سنة خمس وستين وأربعمائة.
وكانت كتابته قبل حضوره الديوان بيوم، فلما حضر شهد عليه جماعة كثيرة من الشهود والعلماء.
قال ابن الجوزى: وأفتى ابن عقيل، ودرس وناظر الفحول، واستفتى فى الديوان فى زمن القائم، فى زمرة الكبار. وجمع علم الفروع والأصول وصنّف فيها الكتب الكبار. وكان دائم التشاغل بالعلم، حتى أنى رأيت بخطّه:
إنّي لا يحل لى أن أضيع ساعة من عمرى، حتى إذا تعطّل لسانى عن