للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عليه جارية فائقة الحسن، وظهر له فى المجلس من أدبها وحسن كتابتها وذكائها وظرفها ما أعجبه، فأمر فاشتريت له بمائة وخمسين دينارا، وأمر أن يهيأ لها منزل وجارية، وأن يحمل لها من الفرش والآنية والثياب وجميع ما تحتاج إليه، ثم بعد ثلاثة أيام جاءه الذى باعها، وشكى إليه ألم فراقها، فضحك، وقال له: لعلك تريد ارتجاع الجارية؟ قال: إي والله يا مولانا، وهذا الثمن بحاله، لم أتصرف فيه وأبرزه، فقال له الوزير: ولا نحن تصرفنا فى المثمن، ثم قال لخادمه: ادفع إليه الجارية وما عليها، وجميع ما فى حجرتها، ودفع إليه الخرقة التى فيها الثمن، وقال:

استعينا به على شأنكما، فأكثرا من الدّعاء له، وأخذها وخرج.

وحكى عن الوزير: أنه كان إذا مدّ السماط فأكثر ما يحضره الفقراء والعميان، فلما كان ذات يوم وأكل الناس وخرجوا بقى رجل ضرير يبكى، ويقول: سرقوا مداسى ومالى غيره، والله ما أقدر على ثمن مداس، وما بى إلا أن أمشى حافيا وأصلى، فقام الوزير من مجلسه، ولبس مداسه وجاء إلى الضرير، فوقف عنده وخلع مداسه والضرير لا يعرفه، وقال له: البس هذا وأبصره على قدر رجلك، فلبسه، وقال: نعم، لا إله إلا الله كأنه مداسى.

ومضى الضرير، ورجع الوزير إلى مجلسه، وهو يقول: سلمت منه أن يقول: أنت سرقته.

وأخبار الوزير رحمه الله ومناقبه كثيرة جدا. وقد مدحه الشعراء فأكثروا.

وقيل: إنه رزق من الشعراء ما لم يرزقه أحد، ومن أكابرهم: الحيص بيص وابن بختيار الأبله، وابن التعاويذى، والعماد الكاتب، وأبو على بن أبى قيراط ومنصور النميرى، وخلق كثير. حتى قيل: إنه جمعت من مدائحه ما يزيد على مائتى ألف قصيدة فى مجلدات. فلما بيعت كتبه بعد موته اشتراها بعض الأعداء.

فغسلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>