ووعظه، وانتصر أهل السنة بظهوره، واشتهرت أحواله وأقواله وكراماته ومكاشفاته وهابه الملوك فمن دونهم.
قال الشيخ موفق الدين صاحب المغنى: لم أسمع عن أحد يحكى عنه من الكرامات أكثر مما يحكى عن الشيخ عبد القادر، ولا رأيت أحدا يعظم من أجل الدين أكثر منه.
وذكر الشيخ عزّ الدين بن عبد السلام شيخ الشافعية: أنه لم تتواتر كرامات أحد من المشايخ إلا الشيخ عبد القادر، فإن كراماته نقلت بالتواتر.
قرأت بخط الإمام ناصح الدين عبد الرحمن بن نجم بن الحنبلى الدمشقى قال:
حكى شيخنا أبو الحسن بن غريبة الفقيه: أن الوزير ابن هبيرة رحمه الله، قال له الخليفة - يريد: المقتفى لأمر الله - قد شكى من الشيخ عبد القادر، وقال: إنه يستخف بى، ويذكرنى. وله نخلة فى رباطه، يتكلم ويقول: يا نخيلة لا تتعدى أقطع رأسك، وإنما يشير إلي. تمضى إليه وتقول له فى خلوة: ما يحسن بك أن تتعرض بالإمام أصلا وأنت تعرف حرمة الخلافة.
قال الشيخ أبو الحسن فذهبت إليه، فوجدت عنده جماعة، فجلست أنتظر منه خلوة، فسمعته يتحدث، ويقول فى أثناء كلامه: نعم. اقطع رأسها، فعلمت أن الإشارة إليّ، فقمت وذهبت، فقال لي الوزير: بلغت، فأعدت عليه ما جرى، فبكى الوزير، وقال: لا شك فى صلاح الشيخ عبد القادر.
وقرأت بخط ابن الحنبلى أيضا: أن خاله أبا الحسن بن نجا الواعظ اجتمع بالشيخ عبد القادر، وكان يحكى عنه. قال: سبقت يوم العيد إلى المصلى إلى المكان الذى يصلى فيه الشيخ عبد القادر. قال: فجاء الشيخ عبد القادر، ومعه خلق كثير، والناس يقبلون يده، فصلى ركعتين قبل الصلاة. فقلت، فى نفسى:
ما هذه الصلاة؟ فمن السنة أن لا يتنفل قبلها. قال: فلما سلم التفت إلىّ وقال: لها سبب.