ومن جملة ما صنف «زاد المسافر» نحو من خمسين مجلدة. وكان إماما فى القرآن وعلومه، وحصل من القراءات المسندة ما أنه صنف العشرة والمفردات.
وصنف الوقف والابتداء والتجويد والمئات والعدد، ومعرفة القراء. وهو نحو من عشرين مجلدا، واستحسنت تصانيفه. وكتب ونقلت إلى خوارزم وإلى الشام.
وبرع عنده جماعة كثيرة فى القراءات. وكان إذا جرى ذكر القراء يقول:
فلان مات عام كذا، وفلان مات فى سنة كذا، وفلان يعلو إسناده على فلان بكذا.
وكان إماما فى النحو واللغة. سمعت أن من جملة ما حفظ فى اللغة كتاب «الجمهرة» وخرج له تلامذة فى العربية أئمة يقرءون بهمدان. وبعض أصحابه رأيته.
وكان من محفوظاته كتاب «الغريبين للهروى» إلى أن قال: وكان عفيفا من حب المال، مهينا له، باع جميع ما ورثه. وكان من أبناء التجار فأنفقه فى طلب العلم حتى سافر إلى بغداد وأصبهان مرات ماشيا يحمل كتبه على ظهره.
سمعته يقول: كنت أبيت ببغداد فى المساجد، وآكل خبز الدخن.
وسمعت أبا الفضل بن نبهان الأديب يقول: رأيت الحافظ أبا العلاء فى مسجد من مساجد بغداد يكتب وهو قائم على رجليه؛ لأن السراج كانت عالية، ثم نشر الله تعالى ذكره فى الآفاق، وعظم شأنه فى قلوب الملوك وأرباب المناصب الدنيوية والعلمية والعوام، حتى إنه كان يمر بهمدان، فلا يبقى أحد رآه إلا قام، ودعا له حتى الصبيان واليهود. وربما كان يمضى إلى بلده مشكان فيصلى بها الجمعة، فيتلقاه أهلها خارج البلد: المسلمون على حدة، واليهود على حدة ويدعون له إلى أن يدخل البلد.
وكان يفتح عليه من الدنيا جمل فلم يدخرها، بل ينفقها على تلامذته. وكان عليه رسوم لأقوام. وما كان يبرح عليه ألف دينار همدانية أو أكثر من الدين مع كثرة ما كان يفتح عليه. وكان يطلب لأصحابه من الناس، ويعز أصحابه ومن يلوذ به ولا يحضر دعوة حتى يحضر جماعة أصحابه، وكان لا يأكل من أموال الظلمة،