ولا قبل منهم مدرسة قط ولا رباطا، وإنما كان يقرئ فى داره ونحن فى مسجده سكان، وكان يقرئ نصف نهاره الحديث، ونصفه القرآن والعلم.
وكان لا يخشى السلاطين، ولا تأخذه فى الله لومة لائم، ولا يمكن أحد أن يعمل فى مجلسه منكرا ولا سماعا.
وكان ينزل كل إنسان منزلته، حتى تآلفت القلوب على محبته، وحسن الذكر له فى الآفاق البعيدة، حتى أهل خوارزم، الذين هم معتزلة مع شدته فى الحنبلة.
وكان حسن الصلاة، لم أر أحدا من مشايخنا أحسن صلاة منه. وكان مشددا فى أمر الطهارة، لا يدع أحدا يمس مداسه.
قلت: هذه زلة من عالم.
قال: وكانت ثيابه قصارا، وأكمامه قصارا، وعمامته نحو من سبعة أذرع، وكانت السنة شعاره ودثاره، اعتقادا وفعلا، بحيث إنه كان إذا دخل مجلسه رجل، فقدم رجله اليسرى، كلفه أن يرجع فيقدم اليمنى، ولا يمس الأجزاء إلا على وضوء، ولا يدع شيئا قط إلا مستقبل القبلة تعظيما لها، إلى أن قال: سمعت من أثق به يحكى. قال: رأى السلفى طبقة بخط الحافظ، فقال: هذا خط أهل الإتقان، وسمعته يحكى عنه أنه ذكر له، فقال: قدمه دينه. قال: وسمعت من أثق به يحكى عن أبى الحسن عبد الغافر بن إسماعيل الفارسى، أنه قال للحافظ أبى العلاء، لما دخل نيسابور: ما دخل نيسابور مثلك.
وسمعت الحافظ أبا القاسم على بن الحسن بن هبة الله يقول - وذكر رجلا من أصحابه سافر فى طلب الحديث -: إن رجع ولم يلق الحافظ أبا العلاء ضاعت سفرته.
وقد روى عنه الحافظ أبو القاسم. وقال القاسم بن عساكر الحافظ: سمعت التاج المسعودى يقول: سمعت أبا العلاء الهمدانى يقول لرجل استأذنه فى الرحلة: