ولقد دعوت ندى سواك فلم يجب … فلأشكرن ندى أجاب وما دعى
فاستحسن ذلك، وما زال يبره إلى أن مات، سامحه الله.
توفى صدقة يوم السبت ثالث عشر ربيع الآخر سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، وصلّى عليه من الغد برحبة الجامع، ودفن بباب حرب.
وقيل: إنه توفى يوم الأحد، رابع عشر.
وذكر ابن الجوزى عمن حدثه: أنه رئى له منامات غير صالحة، وأنه عريان، وأنه أخبر عن نفسه أنه مسجون مضيق عليه، وأنه لم يغفر له، فالله تعالى يسامحه ويتجاوز عنه.
وذكر ابن النجار عن على الفاخرانى الضرير، قال: رأيت صدقة الناسخ فى المنام، فقلت له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لى بعد شدة، فسألته عن علم الأصول؟ فقال: لا تشتغل به، فما كان شئ أضر علىّ منه، وما نفعنى إلا خمس قصيبات - أو قال: تميرات - تصدقت بها على أرملة.
قلت: هذا المنام حق، وما كانت مصيبة إلا من علم الكلام. ولقد صدق القائل: ما ارتدى أحد بالكلام فأفلح. وبسبب شبه المتكلمين والمتفلسفة، كان يقع له أحيانا حيرة وشك، يذكرها فى أشعاره، ويقع له من الكلام والاعتراض ما يقع.
وقد رأيت له مسألة فى القرآن، قرر فيها: أن ما فى المصحف ليس بكلام الله، حقيقة، وإنما هو عبارة عنه، ودلالة عليه، وإنما يسمى كلام الله مجازا.
قال: ولا خلاف بيننا، وبين المخالفين فى ذلك، إلا أن عندنا: أن مدلوله هو كلام الله الذى هو الحروف والأصوات، وعندهم مدلول الكلام، الذى هو المعنى القديم بالذات.