للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قد عقد مجلسا للركن عبد السلام بن عبد الوهاب بن عبد القادر الجيلى، وأحرقت كتبه. وكان فيها من الزندقة وعبادة النجوم ورأى الأوائل شئ كثير، وذلك بمحضر من ابن الجوزى وغيره من العلماء، وانتزع الوزير منه مدرسة جده، وسلمها إلى ابن الجوزى.

فلما ولى الوزارة ابن القصاب - وكان رافضيا خبيثا - سعى فى القبض على ابن يونس، وتتبع أصحابه، فقال له الركن: أين أنت عن ابن الجوزى فإنه ناصبى، ومن أولاد أبى بكر، فهو من أكبر أصحاب ابن يونس، وأعطاه مدرسة جدى، وأحرقت كتبى بمشورته؟ فكتب ابن القصاب إلى الخليفة الناصر وكان الناصر له ميل إلى الشيعة ولم يكن له ميل إلى الشيخ أبى الفرج، بل قد قيل:

إنه كان يقصد أذاه، وقيل: إن الشيخ ربما كان يعرض فى مجالسه بذم الناصر، فأمر بتسليمه إلى الركن عبد السلام، فجاء إلى دار الشيخ وشتمه، وأغلظ عليه وختم على كتبه وداره، وشتت عياله.

فلما كان فى أول الليل حمل فى سفينة وليس معه إلا عدوه الركن، وعلى الشيخ غلالة بلا سراويل، وعلى رأسه تخفيفة، فأحدر إلى واسط. وكان ناظرها شيعيا. فقال له الركن: مكنى من عدوى لأرميه فى المطمورة، فزبره، فقال يا زنديق، ارميه بقولك، هات خط الخليفة، والله لو كان من أهل مذهبى لبذلت روحى. ومالى فى خدمته، فعاد الركن إلى بغداد.

قال ابن القادسى: لما حضروا واسط جمع الناس، وادعى ابن عبد القادر على الشيخ: أنه تصرف فى وقف المدرسة، واقتطع من مالها كذا وكذا، وكذب فيما ادعاه، وأنكر الشيخ، وصدق وبر، وأفرد للشيخ دار بدرب الديوان، وأفرد له من يخدمه، وبقى الشيخ محبوسا بواسط فى دار بدرب الديوان، وعلى بابها بواب. وكان بعض الناس يدخلون عليه، ويستمعون منه، ويملى عليهم.

وكان يرسل أشعارا كثيرة إلى بغداد. وأقام بها خمس سنين يخدم نفسه بنفسه، ويغسل ثوبه ويطبخ، ويستقى الماء من البئر، ولا يتمكن من خروج إلى حمام

<<  <  ج: ص:  >  >>