للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولا غيره وقد قارب الثمانين. ويقال: إنه بقى خمسة أيام فى السفينة حتى وصل إلى واسط لم يأكل فيها طعاما.

وذكر عنه أنه قال: قرأت بواسط مدة مقامى بها كل يوم ختمة، ما قرأت فيها سورة يوسف من حزنى على ولدى يوسف.

والذى ذكره أبو الفرج بن الحنبلى عن طلحة العلثى: أن الشيخ كان يقرأ فى تلك المدة ما بين المغرب والعشاء ثلاثة أجزاء أو أربعة من القرآن. وبقى على ذلك من سنة تسعين إلى سنة خمس وتسعين، فأفرج عنه، وقدم إلى بغداد وخرج خلق كثير يوم دخوله لتلقيه، وفرح به أهل بغداد فرحا زائدا، ونودى له بالجلوس يوم السبت، فصلى الناس الجمعة، وعبروا يأخذون مكانات موضع المجلس عند تربة أم الخليفة. فوقع تلك الليلة مطر كثير ملأ الطرقات، فأحضر فى الليل فراشون وروز جارية، فنظفوا موضع الجلوس وفرشوا فيه دقاق الجص والبوارى، ومضى الناس وقت المطر إلى قبر معروف تحت الساباط، حتى سكن المطر، ثم جلس الشيخ بكرة السبت وعبر الخلق، وحضر أرباب المدارس والصوفية ومشايخ الربط، وامتلأت البرية حتى ما كان يصل صوت الشيخ إلى آخرهم.

وكان السبب فى الإفراج عن الشيخ: أن ولده محيى الدين يوسف ترعرع وأنجب، وقرأ الوعظ ووعظ، وتوصل وساعدته أم الخليفة، وكانت تتعصب للشيخ أبى الفرج فشفعت فيه عند ابنها الناصر، حتى أمر بإعادة الشيخ، فعاد إلى بغداد، وخلع عليه، وجلس عند تربة أم الخليفة للوعظ، وأنشد:

شقينا بالنوى زمنا فلما … تلاقينا كأنا ما شقينا

سخطنا عند ما جنت الليالى … فما زالت بنا حتى رضينا

سعدنا بالوصال وكم شقينا … بكاسات الصدود وكم فنينا

فمن لم يحيى بعد الموت يوما … فإنا بعد ما متنا حيينا

ولم يزل الشيخ على عادته الأولى فى الوعظ، ونشر العلم وكتابته إلى أن مات.

<<  <  ج: ص:  >  >>