الوصول إليه، ثم ذهبوا به إلى جامع المنصور، فصلوا عليه، وضاق بالناس. وكان يوما مشهودا، لم يصل إلى حفرته عند قبر الإمام أحمد بن حنبل إلى وقت صلاة الجمعة. وكان فى تموز، وأفطر خلق كثير ممن صحبه، رموا أنفسهم فى خندق الطاهرية فى الماء، وما وصل إلى حفرته من الكفن إلا القليل، ونزل فى الحفرة والمؤذن يقول: الله أكبر، وحزن الناس عليه حزنا شديدا، وبكوا عليه بكاء كثيرا، وباتوا عند قبره طول شهر رمضان يختمون الختمات بالقناديل والشموع والجماعات.
قال: ورآه تلك الليلة المحدث أحمد بن سلمان الحربى على منبر من ياقوت مرصّع بالجوهر، والملائكة جلوس بين يديه، والحق تعالى حاضر يسمع كلامه.
قلت: وأنبأنى أبو الربيع على بن عبد الصمد بن أحمد بن أبى الجيش عن أبيه قال: قال عفيف الدين معتوق القليوبى: رأيت فيما يرى النائم قائلا يقول:
لعمرك قد أوذى وعطل منبر … وأعيى على المستفهمين جواب
قال: فانتبهت من نومى، فقلت: ترى أى شئ قد جرى؟ فجاءنا الخبر وقت العصر بموت الشيخ ابن الجوزى، فقلت:
ولم يبق من يرجى لإيضاح مشكل … وأصبح ربع العلم وهو خراب
ثم قال أبو المظفر: أصبحنا عملنا عزاه، وتكلمت فيه، وحضر خلق عظيم، وأنشد القادرى العلوى:
الدهر عن طمع يغرّ ويخدع … وزخارف الدنيا الدنية تطمع
وأعنة الآمال يطلقها الرجى … طمعا وأسياف المنية تقطع
والموت آت، والحياة مريرة … والناس بعضهم لبعض يتبع
واعلم بأنك عن قليل صائر … خبرا فكن خبرا بخير يسمع
لعلا أبى الفرج الذى بعد التقى … والعلم يوم حواه هذا المجمع
خبر، عليه الشرع أصبح والها … ذا مقلة حرا عليه تدمع
من للفتاوى المشكلات وحلّها … من ذا لخرق الشرع يوما يرفع؟