يا سائرين إلى مصر بربّكم … رفقا علىّ؛ فإن الأجر مكتسب
قولوا لساكنها: حييت من سكن … يا منية النفس، ماذا الصد والغضب؟
بالشام قوم وفى بغداد قد أسفوا … لا البعد أخلق بلواهم ولا الحقب
قد كنت بالكتب أحيانا تعللهم … فاليوم لا رسل تأتى ولا كتب
أنسيت عهدهم أم أنت فى جدث … تسفى وتبكى عليك الريح والسحب
بل أنت فى جنة تجنى فواكهها … لا لغو فيها، ولا غول ولا نصب
يا خير من قال بعد الصحب «حدثنا» … ومن إليه التقى والدين ينتسب
لولاك ماد عمود الدين، وانهدمت … قواعد الحق، واغتال الهدى عطب
فاليوم بعدك جمر الغيّ مضطرم … بادى الشرار، وركن الرشد مضطرب
فليبكينّك رسول الله ما هتفت … ورق الحمام، وتبكى العجم والعرب
لم يفترق بكما حال، فموتكما … فى الشهر واليوم، هذا الفخر والحسب
أحييت سنته من بعد ما دفنت … وشدتها وقد انهدت لها رتب
وصنتها عن أباطيل الرواة لها … حتى استنارت، فلا شك ولا ريب
ما زلت تمنحها أهلا، وتمنعها … من كان يلهيه عنها الثغر والشنب
قوم بأسماعهم عن سمعها صمم … وفى قلوبهم من حفظها قضب
تنوب عن جمعها منهم عمائمهم … أيضا، ويغنيهم عن درسها اللقب
يا شامتين وفينا ما يسوؤهم … مستبشرين وهذا الدهر محتسب
ليس الفناء بمقصور على سبب … ولا البقاء بممدود له سبب
ما مات من عز دين الله يعقبه … وإنما الميت منكم من له عقب
ولا تفوض بيت كان يعمده … مثل العماد، ولا أودى له طنب
علا العلى بجمال الدين بعد، كما … تحيى العلوم بمحيى الدين والقرب
وتسبق الخيل تاليها، وإن بعدت … وغاية السبق لا تعيى له النجب
مثل الدرارى السوارى شيخنا أبدا … نجم يغور ويبقى بعده شهب
من معشر هجروا الأوطان وانتهكوا … حمر الخطوب وأبكار العلى خطبوا