شمّ العرانين ملح، لو سألتهم … بذل النفوس لما هابرا بأن يهبوا
بيض مفارقهم، سود عواتقهم … يمشى مسابقهم من حظه التعب
نور إذا سألوا، نار إذا حملوا … سحب إذا نزلوا، أسد إذا ركبوا
الموقدون ونار الحرب خامدة … والمقدمون ونار الحرب تلتهب
هذا الفخار، فإن تجزع فلا جزع … على المحب، وإن تصبر فلا عجب
قال الضياء: سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن محمود البعلى قال: جاء قوم من التجار إلى الشيخ العماد - وأنا عنده - فحدثوه أن النور يرى على قبر الحافظ عبد الغنى كل ليلة أو كل ليلة جمعة.
قال: وسمعت الحافظ أبا موسى بن الحافظ قال: حدثنى صنيعة الملك هبة الله ابن على بن حيدرة، قال: لما خرجت للصلاة على الحافظ لقينى هذا المغربى - وأشار إلى رجل معه - وقال: إلى أين تروح؟ فقلت: إلى الصلاة على الحافظ، فجاء معى، وقال: أنا رجل غريب، ورأيت البارحة فى النوم كأنى فى أرض واسعة، وفيها قوم عليهم ثياب بيض، وهم كثيرون، فقلت: من هؤلاء؟ فقيل لى: هؤلاء ملائكة السماء نزلوا الموت الحافظ عبد الغنى. فقلت: وأين هو الحافظ؟ فقيل لى: اقعد عند الجامع حتى يخرج صنيعة الملك، فامض معه. قال: فلقيته واقفا عند الجامع.
قال: وسمعت الإمام أبا العباس أحمد بن محمد بن عبد الغنى - سنة اثنتى عشرة وستمائة - قال: رأيت البارحة الكمال - يعنى أخى عبد الرحيم، وكان توفى فى تلك السنة - فى النوم، وعليه ثوب أبيض، فقلت له: يا فلان، أين أنت؟ قال:
فى جنة عدن، فقلت: أيما أفضل: الحافظ عبد الغنى، أو الشيخ أبو عمر؟ فقال: ما أدرى. وأما الحافظ. فكل ليلة جمعة ينصب له كرسى تحت العرش، ويقرأ عليه الحديث، وينثر عليه الدر والجوهر، وهذا نصيبى منه. وكان فى كمه شئ، وقد أمسك بيده على رأسها.