للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شرح الهداية. وصحب الشيخ عبد القادر الجيلى مدة، مائلا إلى التزهد والصلاح والخير والانقطاع، وانتفع به. وكان يحكى عنه كثيرا من أحواله وكراماته.

قال ابن النجار: كتب إلىّ عبد الله بن أبى الحسن الجبائى ونقلته من خطه قال: كنت أسمع كتاب «حلية الأولياء» على شيخنا أبى الفضل بن ناصر، فرق قلبى، وقلت فى نفسى: أشتهى أن أنقطع عن الخلق وأشتغل بالعبادة، ومضيت وصليت خلف الشيخ عبد القادر. فلما صلّى جلسنا بين يديه، فنظر إلىّ وقال:

إذا أردت الانقطاع فلا تنقطع حتى تتفقه وتجالس الشيوخ وتتأدب بهم، فحينئذ يصلح لك الانقطاع، وإلا فتمضى وتنقطع قبل أن تتفقه، وأنت فريخ ما ربّشت فإن أشكل عليك شئ من أمر دينك تخرج من زاويتك، وتسأل الناس عن أمر دينك؟ ما يحسن بصاحب الزاوية أن يخرج من زاويته، ويسأل الناس عن أمر دينه. ينبغى لصاحب الزاوية أن يكون كالشمعة يستضاء بنوره.

قال: وكان الشيخ يوما يتكلم فى الإخلاص والرياء والعجب، وأنا حاضر فى المجلس، فخطر فى نفسى: كيف الخلاص من العجب؟ فالتفت إلىّ الشيخ، وقال:

إذا رأيت الأشياء من الله، وأنه وفقك لعمل الخير، وأخرجت نفسك من الشين سلمت من العجب.

قال أبو الفرج بن الحنبلى - وكتبته من خطه -: كانت حرمة الشيخ عبد الله الجبائى كبيرة ببغداد. فلما دخلت أصبهان سنة ثمانين وجدته بها وهو عظيم الحرمة، فكان كل يوم يأتى إلى زيارتى. وبجاهه سمعت على الحافظ أبى موسى الجزء من السباعيات، فإنه كان مريضا. وقد حجب الناس عنه، فلم يقدروا على حجب الشيخ عبد الله، فدخلنا معه، فأخذ الإذن من الحافظ أبى موسى لى فى القراءة عليه. وكان إذا مشى فى السوق قام له أهل السوق. وحكى لى الشيخ طلحة - يعني العلثى - أن للشيخ عبد الله - يعنى الجبائى - رياضات ومجاهدات يطول ذكرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>