وكان الشيخ رحمه الله آية فى التفسير، وحفظ الحديث. ومعرفته، ومعرفة اللغة والأدب. وكان يفسّر القرآن فى مجلس التذكير.
فذكر الكتبى فى تاريخه: أن الشيخ لما رجع من محنته الأولى ابتدأ فى تفسير القرآن، ففسره فى مجالس التذكير، سنة ست وثلاثين. وفى سنة سبع وثلاثين افتتح القرآن يفسره ثانيا فى مجالس التذكير.
قال: وكان الغالب على مجلسه القول فى الشرع، إلى أن بلغ إلى قوله عزّ وجلّ (١٦٥:٢ {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلّهِ)} فافتتح تجريد المجالس فى الحقيقة، وأنفق على هذه الآية من عمره مدة مديدة، وبنى عليها مجالس كثيرة. وكذلك قوله تعالى:(١٠١:٢١ {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى)} بنى عليها ثلاثمائة وستين مجلسا. فلما بلغ قوله تعالى (٤٣:٢٤ {يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ)} كفّ بصره سنة ثلاث وسبعين، ولما بلغ إلى قوله عزّ وجل:(١٧:٣٢ {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ)} قال: فى كل اسم من أسماء الله تعالى سر خفى. وأخذ يفسّر خفايا الأسماء حتى بلغ المميت، فأخرج من البلد فى الفتنة الأخيرة. فلما عاد سنة ثمانين، عقد المجلس على أمر جديد، ولم يكمل الكلام على الأسماء الحسنى. وأخذ يستعجل فى التفسير، ويفسر فى مجلس واحد مقدار عشر آيات أو نحوها، يريد أن يختم فى حياته، فلم يقدر له على ذلك وتوفى، وقد انتهى إلى قوله عزّ وجل:(٦٧:٣٨، ٦٨ {قُلْ: هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ. أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ)}
وقال ابن طاهر الحافظ. سمعت شيخنا الأنصارىّ يقول: إذا ذكرت التفسير فإنما أذكره من مائة وسبعة تفاسير. قال: وجرى يوما - وأنا بين يديه - كلام، فقال: أنا أحفظ اثنى عشر ألف حديث أسردها سردا، قال: وقطّ ما ذكر فى مجلسه حديثا إلا بإسناده. وكان يشير إلى صحته وسقمه.
وقال الرهاوى: سمعت أبا بشر محمد بن محمد بن هبة الله الهمذانى بهمذان يقول: سمعت بعض الأدباء يقول: سئل شيخ الإسلام الأنصارى عن تفسير آية؟