فأنشد أربعمائة بيت من شعر الجاهلية، فى كل بيت منها لغة تلك الآية.
قال ابن الجوزى: أخبرنا ابن ناصر عن المؤتمن بن أحمد الحافظ، قال: كان عبد الله الأنصارى لا يشذ على المذهب شيئا، ويتركه كما يكون، ويذهب إلى قول رسول الله صلّى الله عليه وسلم:«لا توك فيوكأ عليك» وكان لا يصوم شهر رجب، وينهى عن ذلك، ويقول: ما صح فى فضل رجب وفى صيامه شئ عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وكان يملى فى شعبان وفى رمضان، ولا يملى فى رجب.
وقال ابن طاهر الحافظ: سمعت أبا إسماعيل الأنصارى يقول: كتاب أبى عيسى الترمذى عندى أفيد من كتاب البخارى ومسلم، فقلت: لم؟ قال:
لأن كتاب البخارى ومسلم لا يصل إلى الفائدة منهما إلا من يكون من أهل المعرفة التامة. وهذا كتاب قد شرح أحاديثه وبينها، فيصل إلى فائدته كل أحد من الناس من الفقهاء والمحدثين وغيرهم. قال: وسمعته يقول: المحدّث يجب أن يكون سريع المشى، سريع الكتابة، سريع القراءة.
قال الرّهاوى: سمعت السلفى يقول: سمعت أبا الخير عبد الله بن مرزوق الهروىّ يقول: سمعت أبا إسماعيل الأنصارى الحافظ بهراة يقول: ينبغى لمن يكون من أهل الفقه أن يكون له أبدا ثلاثة أشياء جديدة: سراويله، ومداسه، وخرقة يصلى عليها.
قال الرّهاوى: وسمعت بعض الناس بهراة يحكى: أن شيخ الإسلام دخل يوما على القاضى أبى العلاء صاعد بن سيار، وعلى يمينه رجل من البوسعديّة، فجلس شيخ الإسلام على يسار القاضى، فغضب البوسعدى، وقال: أجلس عن يمينك ويجلس عن يسارك؟ فوثب شيخ الإسلام، وجلس ناحية، وقال: الحدّة ينبغى أن تكون فى أكل البصل، والشدّة فى تشقيق الحطب. وأما الجلوس فى المجالس فإنما يكون بالعلم. وغضب القاضى من كلام الرجل، وقال: إيش تنكر من حاله؟ حيث لم يكن له مركوب ولا ثياب، وأمر له بثياب ومركوب، وجعل له فى الجامع موضعا يعظ فيه.