للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: ومنع أحمد من السلف فى الفلوس، لا يصح جملة على ما ذكره الأصحاب: أنها أثمان، لأنه يحتمل وجوها أخر، منها: أنه لم يجوز السلم فى الفلوس عددا، لاختلافها فى الخفّة والثقل. فأما وزنها فقياس المذهب صحته.

قال: ولو أراد المنع من أجل أنها أثمان لجوزه. إذا جعل رأس مال السلم فيها غير الأثمان، ويحتمل أنه منع من السلم فيها بناء على الرواية التى نقلت عنه: أنه منع من النساء فى أموال الربا، سواء اتفق الجنس أو اختلف. ثم نقل عنه جواز النساء مع اختلاف الجنس. وهو الصحيح من المذهب. ويحتمل أنه منع من السلم فيها إذا كانت نافقة، خوفا من تحريم السلطان لها قبل المحل، فيصير كما لو أسلم فى شئ يحتمل أن يوجد وأن لا يوجد، فإنه لا يصح.

قال: ولا يصح جعلها أثمانا، لأن الثمنية تختص بالذهب والفضة. وقد ذكر هذا أبو الخطاب فى هدايته. وذكر ابن عقيل فى الفصول: أن التفاضل يحرم فى بيع أحد النقدين بمثله بعلة كونه موزون جنس، فيتعدّى إلى كل موزون، ولو كان كما ذكر لما جاز إسلام النقدين فى الحديد والرصاص والنحاس. وقد زعم أنه أجاز ذلك استحسانا. وهذا لا يستقيم؛ لأنه يزعم أن الوزن ثبت كونه غلة بإيماء صاحب الشرع، وهى مقدمة على الاستحسان بإجماع الفقهاء، ثم احتج على أنها ليست ثمنا بأنها تختلف فى نفاقتها وكسادها باختلاف البلدان والأزمان، بخلاف النقدين، وبأنها لا تثبت فى الذمة مطلقة، وبأنها فى الغصب والإتلاف تقوّم بالنقدين لا بالفلوس.

ثم أرسل ابن الطالبانى هذا الكلام إلى الشيخ موفق الدين المقدسى.

فكتب عليها: هذه مسألة فروعية اجتهادية، لا حرج على المجتهد فيها إذا كان من أهل ذلك، وليس ينبغى أن ينكر على مجتهد اجتهاده، وإنما يتباحث الفقهاء، ليعرف الصواب. والذى ذكره الإمام موفق الدين - يعنى ابن الطالبانى - من

<<  <  ج: ص:  >  >>