للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كون الفلوس ليست ثمنا أصليا: صحيح لما بينه. ولأنها لا تكون رأس مال فى الشركة والمضاربة.

وأما منع الإمام أحمد رضى الله عنه من السلم فيها: فإن الذى ذكره الموفق فيها محتمل، لولا أن الإمام أن أحمد قد علل ذلك بأنه يشبه الصرف. وهذا يحتمل أن يكون منه على سبيل الورع، لشبه الفلوس بالأثمان فى المعاملة بها، وجريانها مجرى الدراهم والدنانير، وأما أنا: فإننى متوقف عن الفتيا فى هذه المسألة، ولست منكرا على من وافق فيها، ولا على من خالف من عمل بفتياء.

قلت: أما كون الفلوس أثمانا عند نفاقها: فهو قول كثير من الأصحاب.

وقد صرح به أبو الخطاب فى خلافه الصغير وغيره. ومنهم من جعلها أثمانا بكل حال، كصاحب «المبهج» وخالف فى ذلك ابن عقيل فى باب الشركة من فصوله، ونصر أنها عروض بكل حال، كما رجحه ابن الطالبانى.

وأما ما نقله ابن الطالبانى عن أبى الخطاب فى هدايته - أنه ذكر أن الأثمان هى الذهب والفضة خاصة - فهذا ذكره تفريعا على الرواية الثانية والثالثة فى علة ربا الفضل. وأما على المذهب المشهور: فإنه صرح بأن النقدين من جملة الموزونات، والعلة فيها الوزن، كما صرح بذلك غيره من الأصحاب. بل كلام أبى الخطاب فى خلافه الصغير يقتضى أن العلة فى النقدين الوزن بغير خلاف، وأن الخلاف إنما هو فى علة الأصناف الأربعة البواقى، وهكذا قال القاضى فى خلافه الكبير، وابنه أبو الحسين. وقد قال أحمد فى رواية ابن القاسم وسندى الخواتيمى «رطل حديد برطلين حديد لا يجوز، قياسا على الذهب والفضة» فنص على أن علتهما الوزن

وبالجملة: فالمذهب المشهور: أن علة ربا الفضل فى النقدين الوزن، وعلة الربا فى الأربعة البواقى الكيل، كما قاله ابن عقيل، ولم ينفرد ابن عقيل بهذا كما ذكر، بل كل الأصحاب يوافقونه على هذا النقل، وإن كان من متأخريهم من رجح أن علة الذهب والفضة كونهما نقودا، أو كونهما جوهرى الأثمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>