للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

به ولم يتجوز فى صلاته. وكان إذا فرغ من صلاة العشاء الآخرة يمضى إلى بيته بالرصيف، ومعه من فقراء الحلقة من قدره الله تعالى. فيقدم لهم ما تيسر يأكلونه معه.

ومن أظرف ما حكى عنه: أنه كان يجعل فى عمامته ورقة مصرورة فيها رمل يرمل به ما يكتبه للناس من الفتاوى والإجازات وغيرها. فاتفق ليلة خطفت عمامته، فقال لخاطفها: يا أخى خذ من العمامة الورقة المصرورة بما فيها ورد العمامة أغطى بها رأسى وأنت فى أوسع الحل مما فى الورقة. فظن الخاطف أنها فضة ورآها ثقيلة، فأخذها ورد العمامة. وكانت صغيرة عتيقة. فرأى أخذ الورقة خيرا منها بدرجات. فخلص الشيخ عمامته بهذا الوجه اللطيف.

وبلغنى من غير وجه عن الإمام أبى العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى أنه قال: ما دخل الشام - بعد الأوزاعى - أفقه من الشيخ الموفق.

وقد أفرد الحافظ الضياء، سيرة الشيخ فى جزءين. وكذلك أفردها الحافظ الذهبى.

قال الضياء: كان رحمه الله إماما فى القرآن وتفسيره، إماما فى علم الحديث ومشكلاته، إماما فى الفقه، بل أوحد زمانه فيه، إماما فى علم الخلاف، أوحد زمانه فى الفرائض، إماما فى أصول الفقه، إماما فى النحو، إماما فى الحساب، إماما فى النجوم السيارة والمنازل. قال: ولما قدم بغداد قال له الشيخ أبو الفتح بن المنى: اسكن هنا؛ فإن بغداد مفتقرة إليك، وأنت تخرج من بغداد ولا تخلف فيها مثلك.

وكان شيخنا العماد يعظم الشيخ الموفق تعظيما كثيرا، ويدعو له، ويقعد بين يديه، كما يقعد المتعلم من العالم.

وسمعت الإمام المفتى شيخنا أبا بكر محمد بن معالى بن غنيمة ببغداد يقول:

ما أعرف أحدا فى زمانى أدرك درجة الاجتهاد إلا الموفق.

<<  <  ج: ص:  >  >>