للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثقة حجة نبيلا، غزير الفضل، كامل العقل، شديد التثبت، دائم السكوت، حسن السمت، نزها ورعا عابدا على قانون السلف، على وجهه النور، وعليه الوقار والهيبة، ينتفع الرجل برؤيته قبل أن يسمع كلامه، صنف التصانيف المليحة فى المذهب والخلاف، وقصده التلامذة والأصحاب، وسار اسمه فى البلاد، واشتهر ذكره. وكان حسن المعرفة بالحديث، وله يد فى علم العربية.

وقال عمر بن الحاجب الحافظ فى معجمه: هو إمام الأئمة، ومفتى الأمة.

خصه الله بالفضل الوافر، والخاطر الماطر، والعلم الكامل. طنت فى ذكره (١) الأمصار، وضنت بمثله الأعصار. قد أخذ بمجامع الحقائق النقلية والعقلية. فأما الحديث: فهو سابق فرسانه. وأما الفقه: فهو فارس ميدانه، أعرف الناس بالفتيا. وله المؤلفات الغزيرة. وما أظن الزمان يسمح بمثله، متواضع عند الخاصة والعامة، حسن الاعتقاد، ذو أناة وحلم ووقار. وكان مجلسه عامرا بالفقهاء والمحدثين وأهل الخير. وصار فى آخر عمره يقصده كل أحد. وكان كثير العبادة دائم التهجد، لم ير مثله، ولم ير مثل نفسه.

وقال أبو شامة: كان شيخ الحنابلة موفق الدين إماما من أئمة المسلمين، وعلما من أعلام الدين فى العلم والعمل. صنف كتبا حسانا فى الفقه وغيره، عارفا بمعانى الأخبار والآثار. سمعت عليه أشياء. وكان بعد موت أخيه أبى عمر هو الذى يؤم بالجامع المظفرى، ويخطب يوم الجمعة إذا حضر. فإن لم يحضر فعبد الله بن أبى عمر هو الخطيب والإمام. وأما بمحراب الحنابلة بجامع دمشق فيصلى فيه الموفق إذا كان حاضرا فى البلد، وإذا مضى إلى الجبل صلّى العماد أخو عبد الغنى، وبعد موت العماد: كان يصلى فيه أبو سليمان بن الحافظ عبد الغنى، ما لم يحضر الموفق وكان بين العشائين يتنفل حذاء المحراب. وجاءه مرة الملك العزيز بن العادل يزوره، فصادفه يصلى، فجلس بالقرب منه إلى أن فرغ من صلاته. ثم اجتمع


(١) فى مخطوط الثقافة «بكده»

<<  <  ج: ص:  >  >>