وقال الرّهاوى: سمعت أبا بشر محمد بن محمد الهمذانى يقول: سمعت شيخى عبد الهادى الذى أخذت عنه العلم يقول: عبد الله الأنصارى يعدّ فى العبادلة. قال الرّهاوى: عبد الهادى هذا من أئمة همذان.
وقد ذكر أبو النصر عبد الرحمن بن عبد الجبار الفامى (١) فى تاريخ هراة شيخ الإسلام الأنصارى، فقال: كان بكر الزمان، وزناد الفلك، وواسطة عقد المعانى والمعالى، وصورة الإقبال فى فنون الفضائل، وأنواع المحاسن.
منها: نصرة الدين والسنة، والصلابة فى قهر أعداء الملّة، والمتحلين بالبدعة.
حيى على ذلك عمره، من غير مداهنة ومراقبة لسلطان ولا وزير، ولا ملاينة مع كبير ولا صغير. وقد قاسى بذلك السبب قصد الحساد فى كل وقت وزمان، ومنى بكيد الأعداء فى كل حين وأوان، وسعوا فى روحه مرارا، وعمدوا إلى هلاكه أطوارا، مقدرين بذلك الخلاص من يده ولسانه، وإظهار ما أضمروا فى زمانه.
فوقاه الله شرهم، وأحاط بهم مكرهم، وجعل قصدهم لارتفاع أمره، وعلو شأنه، أقوى سبب. وليس ذلك من فضل الله تعالى ببدع ولا عجب (٧:٤٧ {إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ)}.
وأما قبوله عند الخاص والعام، واستحسان كلامه، وانتشاره فى جميع بلاد الإسلام، فأظهر من أن يقام عليه حجة وبرهان، أو يختلف فى سبقه وتقدمه فيها من الأئمة اثنان. ولقد هذّب أحوال هذه الناحية عن البدع بأسرها، ونقح أمورهم عما اعتادوه منها فى أمرها، وحملهم على الاعتقاد الذى لا مطعن لمسلم بشئ عليه، ولا سبيل لمبتدع إلى القدح إليه.
ومنها: تصانيفه التى حاز فيها قصب السبق بين الأضراب، وذكرها فى باب المصنفين من الكتاب.
وذكره أيضا الإمام أبو الحسين عبد الغافر بن إسماعيل الفارسى، خطيب نيسابور فى تاريخ نيسابور، فذكر اسمه ونسبه، وقال: أبو إسماعيل الإمام شيخ
(١) نسبة إلى «فامية» قرية من قرى واسط بناحية فم الصلح.