بهذا الحديث وهو على ذكرك؟ فقال: لا، فقلت: كان يقرأ فى الركعة الثالثة من صلاة المغرب: (٨:٣ {رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا)} فقال: صدقت ورجع إلى قولى، وحثّ القوم على إثباته وتعليقه. ثم بكرت إليه من غد هذا اليوم، فرحب بى، وأعلى محلّى، وأجلسنى فوق جماعة زهاء سبعين، كنت بالأمس جالسا دونهم، ومدحته بقصيدة، وواظبت على الاختلاف إليه وأخذ الفقه عنه مدة.
قال صاحب التاريخ: ورجع الشيخ من حرقات، والريّ عن زيارة الشيخ أبى الحسن الحرقانى، وكان الحرقانى أحسن الثناء عليه، ولاطفه فى المخاطبة سنة أربع وعشرين.
قال: ولقى الشيخ بنيسابور الشيخ أبا عبد الله بن باكويه الشيرازى، وتكلم بين يديه. فرضى ابن باكويه قوله، واستحسن فى الحقيقة كلامه، وبشر بأيامه، فلما عزم على الخروج من عنده قال: إلى أين؟ قال: نويت سفرا. قال: لست من بابة السفر، بل بابتك أن تعقد حلقة تكلمهم على الحق.
قال صاحب التاريخ: وكان إسحاق القرّاب الحافظ يتأمل ما كان يخرجه الأنصارى، وكذلك إسماعيل الصابونى. قال: وكلهم تعجبوا من تخريجه، وأعجبوا به، وأثنوا على الشيخ عبد الله الأنصارى، واغتبطوا بمكانه، ودعوا له بالخير. وكان من عادة إسحاق القراب الحافظ الحث على الاختلاف إلى الأنصارى، والبعث على القراءة عليه، واستماع الأحاديث بقراءته، والاستفادة منه، والمواظبة على مجلسه، والاختيار له على غيره. وكان يقول: لا يمكن أن يكذب على النبى صلّى الله عليه وسلم كاذب من الناس، وهذا الرجل فى الإحياء.
قال: وكلّ من لقيت من أهل هراة وفى سائر البلدان، حين خرجت مسافرا، ومن سمعت يخبر منهم فى الآفاق من القضاة والأئمة والأفاضل، والمذكورين، كانوا يحسنون الثناء عليه، ولا ينكرون فضله.