وجامعى السلطان وابن المطلب، فكان يولى ويعزل فى جميع المدارس، حتى النظامية.
ولما توفى الظاهر أقره ابنه المستنصر مديدة، واستدعاه عند المبايعة؛ ليثبت له وكالة وكلها لشخص فلم يحكم فيها، حتى قال له: وليتنى ما ولانى والدك؟ فصرح له بالتولية.
وكان رحمه الله - فى أيام ولايته - يؤذن ببابه فى مجلس الحكم ويصلى جماعة ويخرج إلى الجامع راجلا، ويلبس القطن. وكان متحريا فى القضاء، قويّ النفس فى الحق، عديم المحاباة والتكلف، حتى إنه كان يمكن الشهود من الكتابة من دواته، وسار سيرة السلف. ولما عزله المستنصر أنشد عند عزله:
حمدت الله عزّ وجل لما … قضى لى بالخلاص من القضاء
وللمتنصر المنصور أشكر … وأدعو فوق معتاد الدعاء
ولا أعلم أحدا من أصحابنا دعى بقاضى القضاة قبله، ولا استقل منهم بولاية قضاء القضاء بمصر غيره.
وأقام بعد عزله بمدرستهم يدرس ويفتى، ويحضر المجالس الكبار والمحافل.
ثم فوض إليه المستنصر رباطا بناه بدير الروم، وجعله شيخا به. وكان يعظمه ويجله، ويبعث إليه أموالا جزيلة ليفرقها.
وقد صنف فى الفقه كتابا سماه «إرشاد المبتدئين» وأملى مجالس فى الحديث وخرج لنفسه أربعين حديثا.
أثنى عليه الحافظ الضياء، ووصفه بالخير. وتفقه عليه جماعة، وانتفعوا به.
وفيه يقول الصرصرى فى قصيدته اللامية، التى مدح فيها الإمام أحمد وأصحابه:
وفى عصرنا قد كان فى الفقه قدوة … أبو صالح، نصر لكل مؤمل