وذكره عمر بن الحاجب الحافظ، فأطنب فى وصفه وأسهب، وقال: اشتغل بالفقه والحديث، إن إلى صار إماما حافظا - إلى أن قال: ولم ير فى زمانه مثل نفسه فى كماله وبراعته، وجمع بين على الشريعة والحقيقة.
وكان حسن الخلق والخلق، نفّاعا للخلق، مطرحا للتكلف. من جملة محفوظه «الجمع بين الصحيحين» وحدثنى أنه حفظ «صحيح مسلم» جميعه، وكرر عليه فى أربعة أشهر.
وكان يكرر على أكثر «مسند» أحمد من حفظه. وأنه كان يحفظ فى الجلسة الواحدة ما يزيد على سبعين حديثا.
وقال الحافظ عزّ الدين الحسينى: هو أحد المشايخ المشهورين، الجامعين بين العلم والدين. وكان حفظ كثيرا من الحديث النبوى، مشهورا بذلك. انتهى.
وكان حريصا على سماع الحديث وقراءته، مع علو سنة، وعظم شأنه. وكان أهل بعلبك يسمعون بقراءته على المشايخ الواردين عليهم، كالقزوينى، وبهاء الدين المقدسى، وابن رواحة الحموى، وغيرهم.
وكان ذا أحوال وكرامات، وأوراد وعبادات. لا يخل بها، ولا يؤخرها عن وقتها لورود أحد عليه، ولو كان من الملوك. وكان لا يرى إظهار الكرامات، ويقول: كما أوجب الله على الأنبياء إظهار المعجزات أوجب على الأولياء إخفاء الكرامات، ويروى عن الشيخ عثمان شيخ دير ناعس - وكان من أهل الأحوال - قال: قطب الشيخ الفقيه ثمان عشرة سنة.
وكان له - رحمه الله - منزلة عالية عند الملوك، ويحترمونه احتراما زائدا، حتى كان مرة بقلعة دمشق فى سماع البخارى، عند الملك الأشرف. فقام الشيخ الفقيه مرة يتوضأ. فقام السلطان ونفض تخفيفته لما فرغ الشيخ من الوضوء، وقدمها إليه ليتنشف بها، أو ليطأ عليها برجله، وحلف أنها طاهرة. وأنه لا بد أن يفعل ذلك.