قال الحافظ الذهبى: حدثنى بذلك شيخنا أبو الحسين بن اليونينى. أو ابن الشيخ الفقيه. قال الحافظ: والشك منى.
قال: وسار الملك الأشرف إلى بعلبك مرة، فبدأ قبل كل شئ، فأتى دار الشيخ الفقيه، ونزل فدق الباب، فقيل: من ذا؟ فقال: موسى.
قال: ولما قدم الملك الكامل على أخيه الأشرف جعل الأشرف يذكر للكامل محاسن الشيخ الفقيه. فقال: أشتهى أن أراه. فأرسل إليه إلى بعلبك بطاقة فاستحضره، فوصل إلى دمشق. فنزل الكامل إليه، وتحادثا بدار السعادة، وتذاكرا شيئا من العلم.
فذكروا مسألة القتل بالمثقل، وجرى ذكر حديث «الجارية التى قتلها اليهودى، فرضّ رأسها بين حجرين. فأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم بقتله» فقال الملك الكامل: إنه لم يعترف. فقال الشيخ الفقيه: فى صحيح مسلم «فاعترف» فقال الكامل: أنا اختصرت صحيح مسلم، ولم أجد هذا فيه.
فقال: بلى، فأرسل الكامل، فأحضر اختصاره لمسلم فى خمس مجلدات. فأخذ الكامل مجلدا، والأشرف آخر، وعماد الدين بن موسك آخر. وأخذ الشيخ الفقيه مجلدا، فأول ما فتحه: وجد الحديث، كما قال، فتعجب الكامل من سرعة استحضاره، وسرعة كشفه. وأراد أن يأخذه معه إلى الديار المصرية.
فأرسله الأشرف سريعا إلى بعلبك. فقال للكامل: إنه لا يؤثر ببعلبك شيئا.
فأرسل الكامل إليه ذهبا كثيرا.
وقال ولده قطب الدين موسى: كان والدى يقبل بر الملوك، ويقول:
أنا لى فى بيت المال أكثر من هذا، ولا يقبل من الأمراء ولا الوزراء شيئا، إلا أن يكون هدية مأكول ونحوه. ويرسل إليهم شيئا من ذلك، فيقبلونه على سبيل التبرك والاستشفاء.
وذكر أنه أثرى وكثر ماله، وأن الأشرف كتب له كتابا بقرية يونين.