للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مترفعا عند الملوك. وكان مجلسه عامرا بالفقهاء والمحدثين وأهل الدين. وأوقع الله محبته فى قلوب الخلق. ولم يكن فى زمانه من يصلى أحسن منه، ولا أتم خشوعا.

وكان كثير الدعاء والابتهال، لا سيما فى الأماكن المرجو فيها الإجابة، وبعد قراءة آيات الحرس بالجامع بعد العشاء، كثير الاهتمام بأمور الناس، لا يكاد يعلم بمريض إلا افتقده، ولا مات أحد من أهل الجبل إلا شيعه.

وذكر فخر الدين البعلبكى: أنه منذ عرفه ما رآه غضب، وعرفه نحو خمسين سنة.

وقد ولى القضاء مدة تزيد على اثنى عشرة سنة، على كره منه. ولم يتناول معلوما ثم عزل نفسه فى آخر عمره. وبقى قضاء الحنابلة شاغرا مدة، حتى ولى ولده نجم الدين فى آخر حياة الشيخ. وكان الشيخ نزل فى ولايته للحكم على بهيمة إلى البلد.

وقد ذكر أبو شامة فى ذيله: ولاية الشيخ سنة أربع وستين، قال: جاء من مصر ثلاثة عهود بقضاء القضاة لثلاثة من القضاة: ابن عطاء، والزواوى، وابن أبى عمر. فلم يقبل المالكى والحنبلى، وقبل الحنفى. ثم ورد الأمر بإلزامها بذلك، وقيل: إن لم يقبلاها وإلا يؤخذ ما بأيديهما من الأوقاف. ففعلا، وامتنعا من أخذ جامكية، وقالا: نحن فى كفاية، فأعفيا منها.

وذكر الذهبى عن أبى إسحاق اللوزى المالكى - وكان شيخ المالكية، ومن أهل العلم والدين والحديث - أنه قال: كان شيخنا شيخ الإسلام شمس الدين قدوة الأنام، حسنة الأيام، ممن تفتخر به دمشق على سائر البلدان، بل يزهو به عصره على متقدم العصور والأزمان، لما جمع الله له من المناقب والفضائل التى أوجبت للأواخر الافتخار على الأوائل.

منها: التواضع، مع عظمته فى الصدور، وترك التنازع فيما يفضى إلى التشاجر والنفور، والاقتصاد فى كل ما يتعاطاه من جميع الأمور، لا عجرفة فى كلامه

<<  <  ج: ص:  >  >>