قلت: فحقيقة الوجهين فى الإعادة إنما هى فى الاستحباب وعدمه؛ فإن أبا بكر قد قال: فإن لم تعد فلا حرج.
وقد ذكر الأصحاب: أن أحمد نصّ فى رواية أخرى على أنها لا تمضى وتتيمم بل قالوا: لا يجوز لها المضى إذا خافت على نفسها منهم.
وفى النوادر أيضا: أن أبا محمد التميمى حكى رواية عن أحمد: بصحة الصلاة عن يسار الإمام مع الكراهة.
وفى المنثور لابن عقيل: ذكر شيخنا فى الجامع الكبير: إذا فصد، وشد العصابة: مسح عليها وتيمم. فاعترض عليه أبو محمد التميمى بأنه لا يخلو: إما أن يكون جرحا فيتيمم له، أو مثل الجبيرة فيمسحه فقط. فقال القاضى: وجدته عن أحمد كذلك - يعنى: جواب التميمى.
وذكر ابن الجوزى فى تاريخه: أن جلال الدولة أمره أن يكتب شاهنشاه (١) الأعظم ملك الملوك، وخطب له بذلك. فنفر العامة، ورجموا الخطباء، ووقعت فتنة. وذلك سنة تسع وعشرين وأربعمائة. فاستفتى الفقهاء فكتب الصّيمرى:
أنّ هذه الأسماء يعتبر فيها القصد والنية. وكتب أبو الطيب الطبرى: أن إطلاق ملك الملوك جائز، ويكون معناه ملك ملوك الأرض. وإذا جاز أن يقال: قاضى القضاة، وكافى الكفاة، جاز أن يقال: ملك الملوك. وكتب التميمى نحو ذلك وذكر محمد بن عبد الملك الهمذانى: أن القاضى الماوردى منع من جواز ذلك.
قال ابن الجوزى: والذى ذكره الأكثرون هو القياس إذا قصد به ملوك الدنيا، إلا أنى لا أرى إلا ما رآه الماوردى؛ لأنه قد صحّ فى الحديث ما يدل على المنع لكنهم عن النقل بمعزل. ثم ساق حديث أبى هريرة الذى فى الصحيحين.
وابن الجوزى وافق على جواز التسمية بقاضى القضاة ونحوه. وقد ذكر شيخنا أبو عبد الله بن القيم قال: وقال بعض العلماء: وفى معنى ذلك - يعنى: ملك الملوك - كراهية التسمية بقاضى القضاة، وحاكم الحكام؛ فإنّ حاكم الحكام