وكان الشيخ تقى الدين ابن تيمية يعظمه ويجله، ويقول عنه: هو جنيد وقته. وكتب إليه كتابا من مصر أوله «إلى شيخنا الإمام العارف القدوة السالك».
قال البرزالى عنه فى معجمه: رجل صالح عارف، صاحب نسك وعبادة، وانقطاع وعزوف عن الدنيا. وله كلام متين فى التصوف الصحيح. وهو داعية إلى طريق الله تعالى، وقلمه أبسط من عبارته. واختصر السيرة النبوية. وكان يتقوت من النسخ، ولا يكتب إلا مقدار ما يدفع به الضرورة. وكان محبا لأهل الحديث، معظما لهم. وأوقاته محفوظة.
وقال الذهبى: كان سيدا عارفا كبير الشأن، منقطعا إلى الله تعالى. وكان ينسخ بالأجرة وينقوت، ولا يكاد يقبل من أحد شيئا إلا فى النادر. صنف أجزاء عديدة فى السلوك والسير إلى الله تعالى، وفى الرد على الاتحادية والمبتدعة.
وكان داعية إلى السنة، ومذهبه مذهب السلف الصالح فى الصفات، يمرّها كما جاءت. وقد انتفع به جماعة صحبوه، ولا أعلم خلف بدمشق فى طريقته مثله.
قلت: ومن تصانيفه «شرح منازل السائرين» ولم يتمه، وله نظم حسن فى السلوك.
كتب عنه الذهبى والبرزالى، وسمع منه جماعة من شيوخنا وغيرهم، وكان له مشاركة جيدة فى العلوم، وعبارة حسنة قوية، وفهم جيد، وخط حسن فى غاية الحسن. وكان معمور الأوقات بالأوراد والعبادات، والتصنيف، والمطالعة، والذكر والفكر، مصروف العناية إلى المراقبة والمحبة، والأنس بالله، وقطع الشواغل والعوائق عنه، حثيث السير إلى وادى الفناء بالله، والبقاء به، كثير اللهج بالأذواق والتجليات، والأنوار القلبية، منزويا عن الناس، لا يجتمع إلا بمن يحبه، ويحصل له باجتماعه به منفعة دينية.
ولم يزل على ذلك إلى أن توفى آخر نهار السبت سادس عشر ربيع الآخر سنة إحدى عشر وسبعمائة. بالمارستان الصغير بدمشق، وصلّى عليه من الغد بالجامع، ودفن بسفح قاسيون، قبالة زاوية السيوفى، رضى الله عنه.