لأهل الحديث العارفين به من طرق كثيرة، دون من أعمى الله بصيرته، لاشتغاله عنها بشبه أهل البدع والضلال. والاختلاف لم يقع لعدم تواترها، بل وقع من تفاوت فهم معانيها. وهذا موجود، سواء دونت وتواترت أم لا. وفى كلامه إشارة إلى أن حقها اختلط بباطلها، ولم يتميز. وهذا جهل عظيم.
وقد كان الطوفى أقام بالمدينة النبوية مدة يصحب الرافضة: السكاكينى المعتزلى، ويجتمعان على ضلالتهما، وقد هتكه الله، وعجل الانتقام منه بالديار المصرية
قال تاج الدين أحمد بن مكتوم القيسى فى حق الطوفى: قدم علينا - يعنى الديار المصرية - فى زىّ أهل الفقر، وأقام على ذلك مدة، ثم تقدم عند الحنابلة، وتولى الإعادة فى بعض مدارسهم، وصار له ذكر بينهم. وكان يشارك فى علوم، ويرجع إلى ذكاء وتحقيق، وسكون نفس، إلا أنه كان قليل النقل والحفظ، وخصوصا للنحو على مشاركة فيه، واشتهر عنه الرفض، والوقوع فى أبى بكر وابنته عائشة رضى الله عنهما، وفى غيرهما من جملة الصحابة رضى الله عنهم، وظهر له فى هذا المعنى أشعار بخطه، نقلها عنه بعض من كان يصحبه ويظهر موافقة له، منها قوله فى قصيدة:
كم بين من شك فى خلافته … وبين من قيل: إنه الله
فرفع أمر ذلك إلى قاضى قضاة الحنابلة سعد الدين الحارثى، وقامت عليه بذلك البينة، فتقدم إلى بعض نوابه بضربه وتعزيزه وإشهاره، وطيف به، ونودى عليه بذلك، وصرف عن جميع ما كان بيده من المدارس، وحبس أياما، ثم أطلق. فخرج من حينه مسافرا، فبلغ إلى «قوص» من صعيد مصر، وأقام بها مدة، ثم حج فى أواخر سنة أربع عشرة. وجاور سنة خمس عشرة.
ثم حج، ثم نزل إلى الشام إلى الأرض المقدسة، فأدركه الأجل فى بلد الخليل عليه السلام فى شهر رجب سنة ست عشرة وسبعمائة.
قلت: وقد ذكر بعض شيوخنا عمن حدثه عن آخر: أنه أظهر له التوبة