للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعنى بالحديث. وسمع «المسند» مرات، والكتب الستة، ومعجم الطبرانى الكبير، وما لا يحصى من الكتب والأجزاء. وقرأ بنفسه، وكتب بخطه جملة من الأجزاء، وأقبل على العلوم فى صغره. فأخذ الفقه والأصول. عن والده، وعن الشيخ شمس الدين بن أبى عمر، والشيخ زين الدين بن المنجى. وبرع فى ذلك، وناظر. وقرأ فى العربية أياما على سليمان بن عبد القوى، ثم أخذ كتاب سيبويه، فتأمله ففهمه. وأقبل على تفسير القرآن الكريم، فبرز فيه، وأحكم أصول الفقه، والفرائض، والحساب والجبر والمقابلة، وغير ذلك من العلوم، ونظر فى علم الكلام والفلسفة، وبرز فى ذلك على أهله، ورد على رؤسائهم وأكابرهم، ومهر فى هذه الفضائل، وتأهل للفتوى والتدريس، وله دون العشرين سنة، وأفتى من قبل العشرين أيضا، وأمده الله بكثرة الكتب وسرعة الحفظ، وقوة الإدراك والفهم، وبطء النسيان، حتى قال غير واحد:

إنه لم يكن يحفظ شيئا فينساه.

ثم توفى والده الشيخ شهاب الدين، المتقدم ذكره، وكان له حينئذ إحدى وعشرين سنة. فقام بوظائفه بعده. فدرس بدار الحديث السكرية فى أول سنة ثلاث وثمانين وستمائة.

وحضر عنده قاضى القضاة بهاء الدين بن الزكى. والشيخ تاج الدين الفزارى، وزين الدين بن المرجل. والشيخ زين الدين بن المنجى، وجماعة، وذكر درسا عظيما فى البسملة. وهو مشهور بين الناس، وعظّمه الجماعة الحاضرون، وأثنوا عليه ثناء كثيرا.

قال الذهبى: وكان الشيخ تاج الدين الفزارى، يبالغ فى تعظيمه الشيخ تقى الدين، بحيث إنه علق بخطه درسه بالسكرية.

ثم جلس عقب ذلك مكان والده بالجامع على منبر أيام الجمع، لتفسير القرآن العظيم، وشرع من أول القرآن. فكان يورد من حفظه فى المجلس نحو كراسين أو أكثر، وبقى يفسر فى سورة نوح، عدة سنين أيام الجمع.

<<  <  ج: ص:  >  >>