للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفى سنة تسعين: ذكر على الكرسى يوم جمعة شيئا من الصفات، فقام بعض المخالفين، وسعوا فى منعه من الجلوس، فلم يمكنهم ذلك.

وقال قاضى القضاة شهاب الدين الخوى: أنا على اعتقاد الشيخ تقى الدين، فعوتب فى ذلك. فقال: لأن ذهنه صحيح، ومواده كثيرة. فهو لا يقول إلا الصحيح.

وقال الشيخ شرف الدين المقدسى: أنا أرجو بركته ودعاءه، وهو صاحبى، وأخى. ذكر ذلك البرزالى فى تاريخه.

وشرع الشيخ فى الجمع والتصنيف، من دون العشرين، ولم يزل فى علو وازدياد من العلم والقدر إلى آخر عمره.

قال الذهبى فى معجم شيوخه: أحمد بن عبد الحليم - وساق نسبه - الحرانى، ثم الدمشقى، الحنبلى أبو العباس، تقى الدين، شيخنا وشيخ الإسلام، وفريد العصر علما ومعرفة، وشجاعة وذكاء، وتنويرا إلهيّا، وكرما ونصحا للأمة، وأمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر. سمع الحديث، وأكثر بنفسه من طلبه، وكتب وخرج، ونظر فى الرجال والطبقات، وحصل ما لم يحصله غيره. برع فى تفسير القرآن، وغاص فى دقيق معانيه بطبع سيال، وخاطر إلى مواقع الإشكال ميال، واستنبط منه أشياء لم يسبق إليها. وبرع فى الحديث وحفظه، فقلّ من يحفظ ما بحفظه من الحديث، معزوا إلى أصوله وصحابته، مع شدة استحضاره له وقت إقامة الدليل. وفاق الناس فى معرفة الفقه، واختلاف المذاهب، وفتاوى الصحابة والتابعين، بحيث إنه إذا أفتى لم يلتزم بمذهب، بل يقوم بما دليله عنده.

وأتقن العربية أصولا وفروعا، وتعليلا واختلافا. ونظر فى العقليات، وعرف أقوال المتكلمين، وردّ عليهم، ونبّه على خطئهم، وحذّر منهم ونصر السنة بأوضح حجج وأبهر براهين. وأوذى فى ذات الله من المخالفين، وأخيف فى نصر السنة المحضة، حتى أعلى الله مناره، وجمع قلوب أهل التقوى على محبته

<<  <  ج: ص:  >  >>