للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وذو روايته، أو حاضر بالنحل والملل لم ير أوسع من نحلته، ولا أرفع من درايته.

برزقى كل فن على أبناء جنسه، ولم تر عين من رآه مثله، ولا رأت عينه مثل نفسه

وقد كتب الذهبى فى تاريخه الكبير للشيخ ترجمة مطولة، وقال فيها: وله خبرة تامة بالرجال، وجرحهم وتعديلهم، وطبقاتهم، ومعرفة بفنون الحديث، وبالعالى والنازل، والصحيح والسقيم، مع حفظه لمتونه، الذى انفرد به، فلا يبلغ أحد فى العصر رتبته، ولا يقاربه، وهو عجيب فى استحضاره، واستخراج الحجج منه، وإليه المنتهى فى عزوه إلى الكتب الستة، والمسند، بحيث يصدق عليه أن يقال: كل حديث لا يعرفه ابن تيمية فليس بحديث.

وقال: ولما كان معتقلا بالإسكندرية: التمس منه صاحب سبتة أن يجيز لأولاده، فكتب لهم فى ذلك نحوا من ستمائة سطر، منها سبعة أحاديث بأسانيدها، والكلام على صحتها ومعانيها، وبحث وعمل ما إذا نظر فيه المحدث خضع له من صناعة الحديث. وذكر أسانيده فى عدة كتب. ونبّه على العوالى. عمل ذلك كله من حفظه، من غير أن يكون عنده ثبت أو من يراجعه.

ولقد كان عجيبا فى معرفة علم الحديث. فأما حفظه متون الصحاح وغالب متون السنن والمسند: فما رأيت من يدانيه فى ذلك أصلا.

قال: وأما التفسير فمسلم إليه. وله من استحضار الآيات من القرآن - وقت إقامة الدليل بها على المسألة - قوة عجيبة. وإذا رآه المقرئ تحيز فيه. ولفرط إمامته فى التفسير، وعظم اطلاعه. يبين خطأ كثير من أقوال المفسرين. ويوهى أقوالا عديدة. وينصر قولا واحدا، موافقا لما دل عليه القرآن والحديث. ويكتب فى اليوم والليلة من التفسير، أو من الفقه، أو من الأصلين، أو من الرد على الفلاسفة والأوائل: نحوا من أربعة كراريس أو أزيد.

قلت: وقد كتب «الحموية» فى قعدة واحدة. وهى أزيد من ذلك.

وكتب فى بعض الأحيان فى اليوم ما يبيض منه مجلد.

<<  <  ج: ص:  >  >>