للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بادر بإحضار الشيخ إلى القاهرة مكرما فى شوال سنة تسع وسبعمائة، وأكرمه السلطان إكراما زائدا، وقام إليه، وتلقاه فى مجلس حفل، فيه قضاة المصريين والشاميين، والفقهاء وأعيان الدولة. وزاد فى إكرامه عليهم، وبقى يسارّه ويستشيره سويعة، وأثنى عليه بحضورهم ثناء كثيرا، وأصلح بينه وبينهم. ويقال:

إنه شاوره فى أمرهم به فى حق القضاة، فصرفه عن ذلك، وأثنى عليهم، وأن ابن مخلوف كان يقول: ما رأينا أفتى من ابن تيمية، سعينا فى دمه. فلما قدر علينا عفا عنا.

واجتمع بالسلطان مرة ثانية بعد أشهر، وسكن الشيخ بالقاهرة، والناس يترددون إليه، والأمراء والجند، وطائفة من الفقهاء، ومنهم من يعتذر إليه ويتنصل مما وقع.

قال الذهبى: وفى شعبان سنة إحدى عشرة: وصل النبأ: أن الفقيه البكرى - أحد المبغضين للشيخ - استفرد بالشيخ بمصر، ووثب عليه، ونتش بأطواقه، وقال:

احضر معى إلى الشرع، فلى عليك دعوى، فلما تكاثر الناس انملص، فطلب من جهة الدولة، فهرب واختفى

وذكر غيره: أنه ثار بسبب ذلك فتنة، وأراد جماعة الانتصار من البكرى فلم يمكنهم الشيخ من ذلك.

واتفق بعد مدة: أن البكرى همّ السلطان بقتله، ثم رسم بقطع لسانه؛ لكثرة فضوله وجراءته، ثم شفع فيه، فنفى إلى الصعيد، ومنع من الفتوى بالكلام فى العلم. وكان الشيخ فى هذه المدة يقرئ العلم، ويجلس للناس فى مجالس عامة.

قدم إلى الشام هو وإخوته سنة اثنتى عشرة بنية الجهاد، لما قدم السلطان لكشف التتر عن الشام. فخرج مع الجيش، وفارقهم من عسقلان، وزار البيت المقدس.

<<  <  ج: ص:  >  >>