للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتفقه فى المذهب، وبرع وأفتى، ولازم الشيخ تقى الدين وأخذ عنه.

وتفنن فى علوم الإسلام. وكان عارفا بالتفسير لا يجارى فيه، وبأصول الدين، وإليه فيهما المنتهى. والحديث ومعانيه وفقهه، ودقائق الاستنباط منه، لا يلحق فى ذلك، وبالفقه وأصوله وبالعربية، وله فيها اليد الطولى، وتعلم الكلام والنحو وغير ذلك، وكان عالما بعلم السلوك، وكلام أهل التصوف، وإشاراتهم، ودقائقهم. له فى كل فن من هذه الفنون اليد الطولى.

قال الذهبى فى المختصر: عنى بالحديث ومتونه، وبعض رجاله. وكان يشتغل فى الفقه، ويجيد تقريره وتدريسه، وفى الأصلين. وقد حبس مدة، لإنكاره شد الرحال إلى قبر الخيل، وتصدى للاشغال، وإقراء العلم ونشره.

قلت: وكان رحمه الله ذا عبادة وتهجد، وطول صلاة إلى الغاية القصوى، وتأله ولهج بالذكر، وشقف بالمحبة، والإنابة والاستغفار، والافتقار إلى الله، والانكسار له، والاطراح بين يديه على عتبة عبوديته، لم أشاهد مثله فى ذلك، ولا رأيت أوسع منه علما، ولا أعرف بمعانى القرآن والسنة وحقائق الإيمان منه، وليس هو المعصوم، ولكن لم أر فى معناه مثله. وقد امتحن وأوذى مرات، وحبس مع الشيخ تقى الدين فى المرة الأخيرة بالقلعة، منفردا عنه، ولم يفرج عنه إلا بعد موت الشيخ

وكان فى مدة حبسه مشتغلا بتلاوة القرآن بالتدبر والتفكر، ففتح عليه من ذلك خير كثير، وحصل له جانب عظيم من الأذواق والمواجيد الصحيحة، وتسلط بسبب ذلك على الكلام فى علوم أهل المعارف، والدخول فى غوامضهم، وتصانيفه ممتلئة بذلك، وحج مرات كثيرة، وجاور بمكة. وكان أهل مكة يذكرون عنه من شدة العبادة، وكثرة الطواف أمرا يتعجب منه. ولازمت مجالسه قبل موته أزيد من سنة، وسمعت عليه «قصيدته النونية الطويلة» فى السنة، وأشياء من تصانيفه، وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>