وقال صلى الله عليه وسلم للرجل الذي قال له: إن أمي قد افتلتت نفسها وأراها لو تكلمت تصدقت، أفأتصدق عنها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، نعم.
وخرج سعد بن عبادة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، في بعض مغازيه، فحضرت أمه الوفاة بالمدينة، فقيل لها: أوصي، فقالت: فيما أوصي؟ إنما المال مال سعد؛ فتوفيت قبل أن يقدم سعد، فلما قدم سعد بن عبادة قيل ذلك له، فقال سعد، يا رسول الله، هل ينفعها أن أنصدق عنها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم. فقال سعد: حائط كذا وكذا صدقة عنها. لحائط سماه.
فاتفق أهل العلم على أنه يجوز أن يتصدق الرجل عن الرجال، ويعتق عنه، وعلى أنه لا يجوز أن يصلي أحد عن أحد؛ واختلفوا في الصيام والحج، والمشي، فمالك لا يرى أن يحج أحد عن أحد، إلا أن يوصي بذلك، فتنفذ وصيته، لما جاء في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ومراعاة للاختلاف فيه.
وأما من مات وعليه صيام، أو نذر مشي، فلا يصام عنه، ولا يمشي عنه، ولا تنفذ وصيته في ذلك، وإن أوصى به. ويهدي عنه في المشي، قيل: هديان، وقيل: يهدي عنه من الهدايا بقدر الكراء، والنفقة، ويطعم عنه في الصيام: مد عن كل يوم لكل مسكين.
وسحنون يرى أن تنفذ وصيته بالمشي، كما تنفذ وصيته بالحج، وابن كنانة لا يرى أن تنفذ وصيته لا في الحج، ولا في المشي، واستحبَّ مالك لمن وعد أباه أن يمشي عنه أن يفي له بما وعده به من ذلك.