للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالانصراف في هذا كله عن المكان عكس اليه فهو عكس الحركة، كما قلنا فسموا رجوع الانسان عن المكان انقلابا، لما كان عكس ذهابه اليه قبل.

وأما قلب الاناء فهو قلب الحقيقة في المعنى دون اعتبار ما سواه لانعكاس الإناء بانعكاس حركات جواهره لأن الجزء الأعلى يرجع نحو مكان الجزء الأسفل والجزء الأسفل يرجع نحو مكان الجزء الأعلى، وان لم يصرف في قلبه اياه أعلاه أسفله، وانما قلبه على جنبه من جنباته، فمعنى القلب فيه موجود، أيضا، لاختلاف حركات جواهره بالعكس، مع انتقاله عن الهيأة التي كان عليها.

وأما الحركتان إلى جهة واحدة، فليس احداهما عكسا للأخرى ولا يسمى الجسم بذلك منقلبا، مجازا، ولا حقيقة، ومتى أضافوا القلب الي جماد، فهو مجاز.

فقولهم: قلبت الاناء، فهو مقلوب، حقيقة، وقولهم: انقلب الاناء، فهو منقلب، مجاز، وكذلك إذا عبروا بالقلب عما ليس بانتقال ولا حركة، فهو مجاز.

فقوله في قول العرب: انقلب الاناء: انه حقيقة ليس بصحيح، وكذلك قوله تعالى: ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً هو مجاز وليس بحقيقة.

وبالله التوفيق.

فان قال قائل: كون الشيء في مكان عكس كونه في مكان آخر؟

<<  <  ج: ص:  >  >>