وصل الي – أبقاك الله – كتابك هذا مستفهما عما جرى عليه العمل عندنا في تضمين السماسرة بما أخذوه من الثياب للبيع فادعوا تلفه، وعن مذهبي في ذلك، وهل حكمهم في ذلك سواء مع أرباب السلع الذين دفعوها إليهم للبيع ومع التجار للطلايب التي يطلبونها منهم للمشترين أم لا؟
فأما استمرار العمل والفتوى في ذلك على حد واحد، فلا أثبته، والذي كنت أفتي به في لك، على طريق الاستحسان، مراعاة للاختلاف: ألا يصدقوا في دعوى التلف، الا أن يكونوا مأمومنين، معلومين بالثقة، وذلك أن الأصل فيهم ألا ضمان عليهم، لأنهم أجراء مؤتمنون.
وقد حكى الفضل عن بعض رواة سحنون: أنه كان يضمنهم، قياسا على الصناع واستحسنه، وله وجه في القياس، لأنهم قد نصبوا أنفسهم لذلك، فصار لهم حرفة وصناعة.
ولهذا المعنى ضمن بعض أهل العلم الراعي المشترك، وحارس الحمام.
[١١٧] فمن أنزلهم منزلة الصناع فيما أعطوه للبيع، دون أن يطلبوه، وجب عليه أن ينزلهم منزلتهم فيما يطلبونه من التجار ليبيعوه لهم ممن طلبه منهم، اذ لا فرق فيما يلزم الصانع من الضمان، بين أن يطلبوا السلع ليصنعوها، أو يعطوها. لذلك، دون أن يطلبوها.