وكان قتل الخضر اياه لكفره إما بعد بلوغه / على ما روى من أنه كان رجلا قاطع طريق، واما وهو صغير يعقل الكفر، ويعتقده، بشرع كان عليه، خلاف شرع الإسلام من وجوب الحد على من لم يحتلم.
وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم {كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، كما تناتج الابل من بهيمة جمعاء}، الحديث إلى قوله {الله أعلم بما كانوا عاملين}.
أولى ما قيل في تأويله: أن المراد بالفطرة المذكورة فيه: الخلقة التي خلق الله الناس عليها، لا الإسلام الذي أوجبه الله عليهم عند البلوغ، وأن المعنى المراد به: أن المولود يولد على الخلقة السلمية من الآفات، التهيئة لقول الدين عند بلوغ العقل والميز، الذي لو ترك وسوقها لاختار بها الإسلام على غيره من النحل والأديان؛ لوضوحه، وظهور الحق فيه، فأبواه ان كانا يهوديين، أو نصرانيين، يهودانه أو ينصرانه، أي يحملانه على اليهودية أو على النصرانية، ويقولانه اياها، وسمانه بسيمتها فيعرف بذلك، كما تنتج الابل سالمة الخلقة، فتثقب أنوفها، وتشق آذانها، لتعرف بذلك، فيقال: هذه بحائر، وهذه سوائب.
ويؤيد هذا التأويل ما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال، حاكيا عن ربه عز وجل {اني خلقت عبادي حنفاء كلهم، فأتتهم الشياطين، فاختالتهم عن دينهم} لأن الحنيف، في كلام العرب، المائل، فمعنى الحديث: