أن الله خلق عباده ميلاء إلى الدين، بالجبلة التي فطرهم الله عليها، فلولا الشياطين، الذين يغرونهم عن الدين لكان جميعهم مسلمين، وهو معنى قول الله عز وجل:{فأقم وجهك للدين حنيفا، فطرة الله التي ناصر الله الناس عليها، لا تبديل لخلق الله، ذلك الدين القيم}
{سورة الروم، رقم: ٣٠}
وان كان محتملا لما سواه من التأويلات.
وقد تعلق بهذا الحديث من ذهب إلى أن جميع الأطفال يولدون على اسلام، بأن أول الفطرة في الإسلام، وجعل خبر كل مولود في يولد على الفطرة فحمل الحديث على ظاهره من العموم. وتعلق به، أيضا، من ذهب إلى أن منهم من يولد على الإسلام، ومنهم من يولد على الكفر، بأن تأول الفطرة، أيضا، على الإسلام، وجعل يولد على الفطرة من صفة كل مولود والخبر فيما بعد ذلك من قوله {فأبواه يهودانه أو ينصرانه}؛ لأن تقييد الموصوف بالصفة يخص منه من ليس على تلك الصفة.
وهذا كله غير صحيح لما قد بيناه من استحالة وصف من لا يعقل بكفر أو ايمان، ولو تحقق أن المراد بالفطرة المذكورة في الحديث، الإسلام، لما وجب أن يتحقق لهم بذلك، قبل بلوغ العقل، الإسلام، لاستحالة ذلك على ما ذكرناه، ولقلنا: ان المعنى في ذلك: كل مولود يولد لفطرة الإسلام، أي ليؤمن بذلك، ويتعبد به، كما تقول في قول