وهو كلام صحيح إذا تدبرته، لأن اضافة العلم في هاتين الايتين، أيضا إلى الضمير العائد على الساعة في قوله تعالى: علمها، ينوى به الانفصال، على ما بيناه من أن الاضافة في هذا المعنى غير محضة، فيكون تقدير الكلام، قل: انما العلم بالساعة عند ربي، وقل: انما العلم بالساعة عند الله.
واذا قدرت الكلام بهذا، كان الظرف الذى هو عند متعلقا بالظاهر من الكلام، لا بمحذوف مقدر، لاستغناء الكلام عنه، واستقلاله بنفسه، وتبين معناه بتعليق الظرف بالظاهر منه دون محذوف مقدر، لأن كون علم الساعة عند الله صحيح، على المعنى الذى قلناه، ألا ترى أن القائل، إذا قال: انما زيد عند عمرو، وكانت عند متعلقة بالاستقرار المنوى في الكلام المحذوف منه. واذا قال: قل: انما استقرار زيد عند عمرو، كانت عند متعلقة بالاستقرار المذكور في الكلام، لا بقدر محذوف منه.
وقول: الا أن تجعله في موضع حال، يريد فيكون الظرف حينئذ متعلقا بمحذوف.
(١) - يحتم أن يريد بذلك: الا أن تجعل المبتدأ المقصود إلى الاخبار عنه وهو علمها، بمعنى حالها، فيحمله على ذلك، ويتأوله عليه، فيكون المعنى في الآية: ان الله تعالى عالم بحال الساعة، يريد: وقت قيامها، الذي هو المقصود بالسؤال عنه في الآية، حيث يقول:{يسألونك عن الساعة أيان مرساها}؟ أي متى وقت قيامها، وسائر الأحوال التي تجرى فيها، وعلم الله محيط بها، ويكون تقدير الكلام بإظهار المحذوف، الذي يتعلق به الظرف: يسألونك عن الساعة أيان