مرساها قل: انما حالها من العلم بوقت قيامها، وسائر أحوالها، معلومة عند الله، أي: في علم الله، لما قدمته من أن عند ظرف مكان، وعلم الله قائم بذاته، ليس في مكان.
ووجه القول في أن المراد بعلمها في قوله تعالى:{قل: انما علمها عند ربي} حالها، هو ما قدمناه من أن الساعة لا تتصف بالعلم حقيقة، ألا ترى أنك إذا قلت: علم يوم كذا عند فلان، فلم ترد أن لذلك اليوم علما على الحقيقة، يعلمه فلان، لأن ذلك مستحيل، وانما أردت: أن أمر يوم كذا، أي: أحواله، التي جرت فيه، يعلمها فلان.
فيتحصل، بما ذكرناه، في قول الله تعالى:{قل: انما علمها عند ربي}، وقل: انما علمها عند الله تأويلان:
أحدهما: أن يحمل العلم في ذلك على حقيقته، وينوى بالاضافة الانفصال، فيكون الظرف، على هذا، متعلقا بالظاهر، لا بمحذوف مقدر.
والثاني: أن يحمل الاضافة فيه على أنها اضافة محضة، خالصة، لا ينوى بها الانفصال، فلابد أن يجعل العلم، على هذا التأويل، بمعنى الحال، ويكون الظرف متعلقا بمحذوف مقدر، تقديره: قل: انما حالها معلوم عند الله، وعند ربي، هذا تأويل جيد، يصح أن يحمل عليه كلام أبي علي، رحمه الله، لاحتماله اياه، ويتبين به معناه، ويخرج على مذاهب أهل السنة.
قال أبو الوليد، رضي الله عنه: فان قال قائل: صرف الضمير من قوله الا تجعله في موضع حال، إلى الظرف، والى أن يكون في موضع حال من الاعراب، أظهر؟