نهارنا. قال فقلت له: فأي القولين الذي لو نزل القرآن نزل به تلك الحادثة، هل هو القول الأول الذي قلته فيها، أو القول الثاني الذي قلته فيها؛ وقد بلغت في كل واحد من القولين الذي عليك أن تبلغه فيه من الاجتهاد. قال: فانقطع، والله في يدي أقبح انقطاع، وما رد عليه حرفاً.
وقد أجاد أبو جعفر، رحمه الله، في ذلك، وأقام لله عزوجل، حجة من حججه على من خرج عنها، وعلا الغلو الذي كان فيه مذموما.
والله نسأله التوفيق.
التصويب هو مذهب اهل السنة
قال القاضي أبو الوليد شيخنا، رضي الله عنه: قد تقدم لنا هذا من مذهبه. والقول الذي أنكره وجهل قائله، وجعله مذموما، فاستعاذ بالله منه، هو قول المحققين من الفقهاء بمعرفة أصول الديانات؛ إذ لا اختلاف بين أهل السنة ان الذي شرعه الله في دينه هو الحكم بالاجتهاد، فيما لا نص فيه، ولا اجماع، فاذا كان الله عز وجل قد أمر المجتهد بالحكم بما يؤديه اليه اجتهاده فالذي امره به هو الحق عنده، الذي تعبده اياه؛ اذ يستحيل في صفة الباري تعالى ان يأمر بخلاف الحق، وان يتعبد عباده بما سواه تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
قال القاضي أبو الوليد شيخنا، رضي الله عنه: وقول القائل: ان المجتهد إذا حكم باجتهاده فقد حكم بالحق، الذي لو نزل القرآن، ما نزل الا به، ليس على ما تأوله عليه، وانما معناه: ان القرآن لو نزل في ذلك بتصويب ما مضى الحكم به من جهة الاجتهاد، في حق كل من حكم به ممن يجوز له الحكم به، في الموضع الذي يجوز له الحكم فيه به لأنه لو نزل القرآن لنزل باقرار الحكم به، على جميع العباد، اذ قد