وكانت العادة أن الباب الذي كان يحتوي على هذه الدار التي يسكن السكان ما ذكر منها، يغلقه السكان إذا رجعوا من صلاة العشاء الآخرة بعد أن يصير هو إلى الحجرة فإن جاء هذا الفتى متأخرا فتحوا له، فدخل، واذا خرج، بعد السهر، أغلقوا الباب
فجاء في ليلة من الليالي على عادته، ودخل على أعين هؤلاء السكان، وصار إلى باب الحجرة، ودخل على عادته، وسد السكان الباب الخارج على عادتهم، ولم يخرج هذا الفتى، وكان مؤخر هذه الحجرة يقارب سندا من جبل قصبة المكان، لقصر جدارها الذي يلي ذلك السند؛ من أجل ذلك فلا يتعذر كثيرا المرتقى اليه، فاذا بهذا الفتى قد وعد أمثاله من أهل الشر بما ظهر، مما أحدث في الرجل، فان ذلك ليس مما يقدر على فعله واحد، وربما رآه كثير من الجيران من اجتماعهم معه، في أمكنة ينفردون فيها عن الناس، ويبدو إلى من يراهم بما يظهر معه اليه من ذلك الانفراد، أنهم يريدون أمرا ويريغون شرا، وتسنموا إلى الحجرة من مؤخرها، المذكور، وعمدوا إلى الرجل وهو في فراشه، متجرد، نايم فشدوا أكتافه وخنقوه وانفردوا بالحجرة، ولا علم عند السكان الخارجين، ولا تقدم عندهم أمر يستريبون به، وباب الحجرة الذي بينها وبين السكان مغلق، على العادة وكسروا خزانة الرجل، التي فيها ناضه وثيابه، وأخرجوا ذلك كله وكل ما قدروا على اخراجه، مما له قيمة، من مؤخر الحجرة، حيث دخل المدخلون إلى الرجل، ولم يبقوا إلا مالا قيمة له، وثقل اخراجه، وخرج الجميع من جهة مؤخر الحجرة.
فلما أصبح السكان، والرجل لم ينزل اليهم، على عادته في سائر