ولا يعلم اليوم، لقدم العهد أصحابها الذين غصبت منهم، ولا ورثتهم، ولا يمكن صرفها إلى أصحابها بأعيانهم، ولا صرف شىء منها إلى صاحبه بعينه للجهل به، فحكمها بأيدى الذين هى في ايديهم بما ذكرت من الميراث عن أبائهم وأجدادهم، حكم القطة، بعد التعريف بها، واليأس من وجود صاحبها، التى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيها لواجدها:«شأنك بها».
فيستحب لهم التصدق بها، ولا يجب ذلك عليهم، فرضا واجبا، لا سيما ان تكن هى المغصوبة بأعيانها، وانما هى أنسالها، فيجوز شراؤها منهم، لمن أراد من الناس
أن يشترى شيئاً منها.
وما أهدوا منها لأمير المسلمين - أدام الله أيامه - فوهبه لأحد، ساغ لمن وهب له أن يأخذه، وحل له تملكه، ولم يكن عليه في ذلك اثم ولا حرج، ان شاء الله عز وجل.
ولأمير المسلمين - أدام الله أيامه - ان يثبت من أهدى منهم اليه شيئاً منها من بيت مال المسلمين؛ / إذ إنما يقبل ذلك منهم ليصرفه [٢١٩] في منافع المسلمين.
وأما ما يهدون من ذلك لوالى أمير المسلمين عليهم، فلا يسوغ له قبوله منهم، لما من جاء من أن «هدايا الأمراء غلول» الا أن يكافئ عليها، فان كافأ عليها بقيمتها من الثواب، وأهدى منها شيئاً لأمير المسلمين - أدام الله توفيقه وتأييده، فأعطاه لأحد صح له بعطيته اياه، وساغ له.